يكفى أن تتابع على الفضائيات مشهدا واحدا من المعركة التى وقعت مساء السبت أمام مكتب الإرشاد بالمقطم، لتعرف أنك أمام جماعة لا تعترف بقانون، وتتعامل بقاعدة «أنا الدولة والدولة أنا».
فى أحد المشاهد ظهر شاب مفتول العضلات وهو يطارد صحفيين ومصورين صحفيين، وظهر صحفيون يتم الاعتداء عليهم، وظهر مصور قناة «روسيا اليوم» وعلى رأسه عمامة شاش تغطى الجروح فى رأسه، تحدث عن أن الاعتداء عليه تم من شباب الإخوان المتواجدين أمام وداخل مقر الجماعة فى المقطم، تحدث عن أن المعتدين وجهوا إليه سبابا وشتائم، لاحظ أنها خرجت من هؤلاء الذين يطلقون لحاهم، ويتحدثون بوصفهم جماعة لها باع فى الدين ويصعد بعضهم على المنابر، ويأتون بمئات الحكايات عن سماحة نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام فى مواجهة خصومه، رغم الآلام المبرحة لمصور فضائية «روسيا اليوم»، فإنه تعجب من نوعية وكم السباب والشتائم الموجهة إليه.
ذهب شباب بالقرب من مقر «الجماعة» وقاموا برسم «جرافيتى» على الأرض يعبر عن رفض حكم «المرشد»، وذهب صحفيون ومصورون إلى مقر «الجماعة» لمتابعة اجتماع وفد حركة حماس مع قادة الجماعة، والذى يأتى وسط جدل محتدم حول اتهام عناصر تابعة لـ«حماس» بتورطها فى تنفيذ عملية قتل 16 ضابطا وجنديا فى رفح وقت الإفطار فى شهر رمضان الماضى، لم يذهب هؤلاء، وفى أيديهم أسلحة ومعدات للاعتداء على أحد، ذهبوا مزودين بأدوات للرسم، ومزودين بكاميرات وأقلام، لكنهم فوجئوا بحفلة تأديب دموية، تذكرنا بحفلات مماثلة تمت أمام قصر الاتحادية، تمت جريمة الاعتداء على المعتصمين أمام قصر الاتحادية دون حساب حتى الآن.
خرج متحدثون من «الجماعة» لا يستنكرون بشاعة فعل عناصرهم، ولا يتحدثون عن أن ما حدث يستوجب المحاسبة، وإنما تحدثوا عن أن المصابين ارتكبوا خطأ كبيرا بالذهاب إلى هناك، هى حجة تقول لنا إن فى المقطم منطقة محرمة على الآخرين هى منطقة مقر الإخوان، منطقة لا يأتيها إلا الحق، منطقة تؤكد أن هناك من يصرون على التعامل مع غيرهم بالاستعلاء، منطقة كانت فى وقت المعركة الدموية تبحث مع «حماس» شؤون لا يعرف المصريون إلى أين تقودهم.
لا يشغل المتحدثون من «الجماعة» عن أنهم جماعة غير شرعية، جماعة لا تخضع للقانون، جماعة لا تهتم بمطالبة الآخرين لها بتقنين أوضاعها، ورغم عدم قانونيتها، تستقبل وفدا من حماس للحديث فى شؤون تتعلق بأمن مصر، تستقبله للحديث عن جريمة مذبحة رفح، فكيف لها أن تفعل ذلك؟ ألا توجد مؤسسات للدولة معنية بذلك، لماذا هذا القفز على كيان الدولة؟ ألا تعرف «الجماعة» أنها بذلك تساهم بقوة فى شيطنة القضية الفلسطينية؟ ألا تعرف أنها تصدر للشعب المصرى ثقافة سيئة ومغلوطة عن القضية الفلسطينية؟
ما حدث أمام المقطم من اعتداءات همجية أدت إلى إسالة الدماء، يبعث رسالة خطيرة إلى آخرين، رسالة تقول، إن التصفيات والاعتداءات هى لغة المواجهة، مما قد يدفع الآخرين إلى التعامل بنفس الطريقة، هو الطريق إلى دولة الميليشيات الذى يستوجب مقاومته بكل السبل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة