لا أنت ولا أنا أصبحنا فى حاجة إلى بذل أى مجهود لرفع غطاء البلاعة وكشف أخلاق الإخوان المسلمين، شباب الإخوان وأفراد الجماعة يأتون لك بروائح أخلاقهم حتى أنفك، وهل هناك دليل على ذلك أكثر من الإصرار الإخوانى على أن الاعتداء على المرأة أمام مكتب الإرشاد أمر عادى وطبيعى لأنها «سافلة» فى بعض الروايات و«معتدية» فى روايات أخرى، و«كلبة» فى روايات ثالثة يمكنك أن تقرأها بنفسك على صفحات الإخوان أو ضمن تصريحات قيادات الجماعة التى ملأت الفضائيات لتبرير ماحدث أمام مقر المقطم..
الواضح من تفاصيل الأيام الماضية أن هناك قناعة إخوانية بأن كل من هو ضد الرئيس محمد مرسى وسياساته كلاب تنبح ولن يضر نباحها السحاب والمقصود بالسحاب هنا الإخوان طبعا، ولهؤلاء جميعا أقول:
عزيزى المفتون بالرئيس المنتخب، يعرف العقلاء وأهل العلم من البشر أن الضرورة لا تفرض أبدا أن يخرج من باطن كل صندوق جوهرة ذهب، فكم من صناديق لا يخرج منها سوى ما يصلح للتفاوض بشأنه مع باعة «الروبابيكيا»، وكم من صناديق تخرج لنا بأشياء أقل فى القيمة والكلفة من تكلفة الصندوق نفسه أو رحلة الوصول إليه..
قداسة الصندوق لا تعنى بأى حال من الأحوال قداسة القادم عبر التفاعلات التى تمت داخله، أياً كان حجمها أو عددها، وضع ملايين الأصوات فى فتحة الصندوق الانتخابى الضيقة لا يعنى أبداً منح صاحبها حصانة مطلقة ضد الزوال، الحصانة والشرعية التى تمنحها الصناديق للرؤساء أو القادمين عبرها، لا تكتمل إلا إذا التزم الفائزون بوعودهم وتنفيذ برامجهم الانتخابية وفقاً للمخططات الزمنية المعلنة مسبقاً.. والرجل الذى رزقتنا الصناديق إياه فى مصر لم يلتزم ولم يقدم أوراق اعتماده لا على المستوى الاقتصادى أو السياسى أو الاجتماعى حتى فى اختبارات الديكتاتورية والبطش فشل مرسى أن يكون ديكتاتوراً محترفاً وباطشاً يخشاه الناس، رغم كل القمع الأمنى والتهديدات الرئاسية المرفقة بصباع السبابة، تتجلى السخرية من هيبة مرسى فى أبهى صورها داخل شوارع القاهرة والمحافظات والميادين وصفحات التواصل الاجتماعى التى تمتلئ بموجات تظاهر وسخرية من مرسى وأدائه وتصرحياته التائهة والمرتبكة وانفعالاته التمثيلية والكوميدية وكأنهم يخبرون الرئيس بأن قراراته وتهديداته وتحذيراته لا تصلح سوى أن يتم «بلها» والتعافى من وهم الكاريزما والرئاسة بشرب مائها. الإقرار بحق الإخوان بالوجود على رأس السلطة عبر طريق شرعى واجب لا حاجة لنقاشه.. ولكن على الإخوان أيضاً أن يتبعوا أصوات ضمائرهم وأن يكونوا أهل عدل ويعترفوا بأن محمد مرسى لا يصلح للجلوس على كرسى رئاسة مصر، ربما يكون أعظم أستاذ هندسة فى التاريخ، وربما يكون مسؤولاً ناجحاً عن ملف تعاملات الإخوان مع الأجهزة الأمنية، وربما يكون أنجح النماذج البشرية للتدليل على عظمة ما جاء فى الحديث القدسى: (وعزتى وجلالى لأرزقن من لا حيلة له حتى يتحير أصحاب الحيل)، ولكنه وبكل تأكيد ليس المناسب للجلوس فوق كرسى رئاسة مصر، وحالة الاقتتال الأهلى والارتباك والانقسام السياسى، والترهل والضعف الاقتصادى ومن قبلها بحر الإحباط واليأس الذى يغرق فيه أهل وطن كانوا فى قمة النشوة والتفاؤل بعد الثورة أكبر دليل على ذلك.. هذا طبعاً بخلاف الأداء الرئاسى الذى لا يسر حبيبا ولا يملأ عين عدو برهبة أو احترام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة