من فضلك.. انظر بتأن إلى ما حدث خلال اليومين الماضيين، ولا تدع الأحداث المتعاقبة تشغلك عن «الحدث الأكبر» فلا جديد فى أى شىء سوى شىء واحد، الإخوان مجرمون كما نعرف، والثوار يقتلون كما عهدنا، والناس يتفرجون كالعادة، والأزمات تعقبها أزمات كما نتوقع، والكهرباء مقطوعة فى مواعيدها الموسمية، وأزمات الوقود صارت مانشيتا يوميا فى أغلب الصحف، فقرة أساسية فى جميع الفضائيات، واقعة واحدة تستحق أن نقف أمامها متأملين، واقعة واحدة يجب أن نضع تحتها «خطا أحمر» واقعة واحدة لا يجب أن تمر أبدا، لأنها واقعة «مفصلية» فى تاريخ الحكم فى مصر.
تلك الواقعة هى إعلان المتحدث الرسمى باسم القوات المسلحة عن ضبط أقمشة مطابقة للأقمشة التى تصنع منها الملابس العسكرية قبل تهريبها إلى غزة، فهذا «الإعلان» وبهذه الطريقة فى حدث ذاته يعنى أن هناك تغيرا حدث فى علاقة الجيش بالحاكم، كما يعنى أن المعارك التى كانت تدور فى الخفاء أصبحت الآن تدور فى العلن، فلم تتكتم القوات المسلحة على الخبر، ولم تنتظر حتى يتم الإعلان عنه بالتنسيق مع الرئاسة التى ليست رئاسة، لكنها انفردت بإذاعة الخبر بشكل رسمى يقطع خيوط التكهن والتشكك، فأتى الخبر كحجر كبير صلب سقط بقوة على بركة موحلة فلطخت وجه الجماعة وفرعها فى فلسطين.
يفتح هذا الخبر باب التخيل على مصراعيه، ليرسم كل واحد صورة لما يمكن أن يحدث بملابس كهذه، هل تنتوى حماس عمل عمليات عسكرية ضد إسرائيل بملابس الجيش المصرى فتورط مصر فى معركة غير مدروسة؟ أم هل كان فرع الجماعة فى فلسطين ينوى أن يقوم بمعركة مع أفراد الجيش المصرى ليصورها كما لو أن هناك انشقاقا بالجيش؟ أم أنه كان يعد لعملية تسللية كبيرة داخل الحدود المصرية مستخدما هذه الملابس للتمويه؟ أم أنه كان ينوى أن يقوم بمداهمة أفراد الجيش المصرى انتقاما من عملية هدم الأنفاق؟
لك أن تتخيل كيفما تريد، ولك أيضا أن تحزن، فقد تم تدمير سمعة حركة حماس نهائيا بعد هذه الواقعة، وما لم يستطع مبارك أن يفعله طوال حكمه، استطاع مرسى أن يفعله فى أشهر معدودات، ويكفى الآن أن تذكر اسم حماس فى مصر لتنفجر العروق من الغيظ، فقد أعطت هذه الواقعة مصداقية كبيرة لكل ما يقال عن حماس، بما فى ذلك ما أثير عن اشتراكها فى مقتل جنودنا فى رمضان، وهو الأمر الذى دعمته تصريحات وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسى عن حتمية الثأر لجنودنا بعد نشر الخبر بساعات، ولك أيضا أن تصدق ما كان يردده المجلس العسكرى من أن هناك أفرادا يرتدون الزى العسكرى ويشنون هجمات على المواطنين لإحداث وقيعة بين الجيش والشعب، ولك أيضا تتأمل فى ما قيل عن أن أفراد من حماس هم الذين كانوا يقتلون أخواننا فى بورسعيد، وبالطبع لك أن تسخر من ذلك التبرير الأحمق الذى ردده المتحدث الرسمى باسم حماس عن أن تلك الأقمشة المطابقة لملابس الجيش كانت فى طريقها إلى غزة لعمل ملابس للأطفال، وهو ما يعنى أن هناك فارقا زمنيا مهولا بين عقلية الجماعة وفرعها فى فلسطين والعقل المصرى، فحتى الأطفال لا تخيل عليهم مثل هذه التبريرات الحمقاء..
نكمل غدا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة