بملء الفم أقول للإخوة الفلسطينيين خصوصاً حماس "سيبونا فى حالنا"، ففلسطين فى القلب كانت وما زالت وستبقى، ولكن فقرنا وهزائمنا ومصائبنا وكوارثنا من تحت رأسكم، ومنذ أن وضعت مصر القضية الفلسطينية فى صدارة أولوياتها، وخاضت من أجلها الحروب وواجهت الأهوال والصعاب والهزائم والنكسات وهى تعانى الأمرين، ليس بمؤامرات واعتداءات العدو الصهيونى فقط، ولكن- أيضا- بجحود وطعنات بعض الأشقاء الفلسطينيين ونكران الجميل واستباحة الحدود وغيرها من صور الاعتداء على السيادة، ورغم ذلك كان الشعب المصرى راضياً مرضياً ولديه إيمان قوى بأنه يؤدى دوره الوطنى، وأن "فلسطين" قضية حياة أو موت، ولم يفعل ذلك تيمنا ولا تعاطفا وإنما بصبر وجلد وإيمان بالعروبة والإسلام والمصير الواحد.
رد الجميل جاء منكم فى التورط بقتل شهدائنا الأبرار على الحدود، على أيدى جماعاتكم الجهادية التى لم تراع دينا ولا ضميرا ولا عروبة ولا إسلاما، ورغم كل تصريحات النفى والإنكار من جانبكم إلا أنها ضعيفة وغير مقنعة، وتقولون كلاما "له لحلاوة وعليه لطلاوة"، ولكنه خاو وأجوف ولا يحترم العقل، لأن الذين ارتكبوا تلك الجريمة الشنعاء ضد شهدائنا لحظة الإفطار فى رمضان الماضى، جاءوا من أراضيكم ثم عادوا إليها بعد ارتكاب جريمتهم القذرة بخسة وندالة، تحت مظلة من الحماية والتسويف والمماطلة من كبار قيادات حماس الذين يؤكدون دائما أنهم يعرفون"دبه النملة" فى القطاع، فلماذا تاهت النملة وتتعمدون التمويه والمراوغة الآن، مرة بالكلام المرسل ومرات بالنفى والتدليس والمناورة والخداع، أحدهم يقول كلاما والآخر عكسه، والثالث ينفى، والرابع يؤكد، وهكذا وقع ثأر الشهداء فى متاهة ليس لها أول ولا آخر.
منذ بداية الجريمة القذرة وحماس تلعب فى القضية بنفس أسلوب إسرائيل، الأخيرة قدمت لمصر جثثا متفحمة لم يستطع DNA أن يفك شفرتها، ولكنها قدمت أيضا أحذية كتب عليها "صنع فى غزة" ولا ندرى كيف صهرت النيران الجثث والعظام وتركت الأحذية وبلد المنشأ وهل هى مصنوعة من مادة ضد النار، تلك هى إسرائيل.
أما حماس فلم تقدم أى شىء ولم تبد أى قدر من التعاون أو حتى حسن النية للكشف عن هوية القتلة وتقديمهم للمحاكمة، بل تتعمد إخفاء الأدلة وطمس الحقائق وحماية القتلة، وكأن دماء أبنائنا رخيصة وأرواحهم ليس لها ثمن، وكأن آباءهم وأجدادهم لم يحاربوا من أجل فلسطين، ولم ينفع مع الإخوة الحمساويين كل الكلام العاطفى والحماسى الذى يستنهض الهمم والضمائر حتى يتحقق القصاص لأرواح الشهداء، ولم تجد دموع ولا عذابات أهاليهم طريقا إليهم وظلوا حتى الآن يتعاملون مع القضية بمنتهى البرود والجمود التآمر والخداع، متصورين أن المجرمين سيفلتون من العقاب، وأننا شعب طيب وذاكرته ضعيفة وسوف ينسى ويضمد جراحه بمرور الوقت.
ليتهم يصمتون ويحترمون أحزان المصريين وصبرهم، بدلا من استفزاز مشاعرهم بالتبريرات السخيفة والأكاذيب المفضوحة، مثل تصريحات المدعو إبراهيم الدراوى مدير مركز الدراسات الفلسطينية، الذى يشبه كلامه قنابل الغاز المسيل للدموع، حيث اتهم عناصر الأمن الوقائى الفلسطينى المقيمين فى القاهرة وعددهم أربعة آلاف، حسب قوله، بالوقيعة بين الشعب المصرى والمقاومة الفلسطينية "نفس الأسطوانة المشروخة"، وأضاف لها لحنا أكثر نشازاً هو أن "جهاز أمن الدولة المنحل فى مصر يعاونهم الأمن الوقائى الفلسطينى وعناصر إعلامية مصرية من المنتمين لنظام مبارك يديرون حملة لتشويه حماس".
يا سلام.. أصبحت القضية الآن هى المؤامرة ضد حماس التى يديرها الأمن الوقائى الفلسطينى وأمن الدولة المنحل وإعلاميو مبارك لتشويه حماس، وليس القصاص العادل لشهدائنا الأبرار والكشف عن القتلة وتقديمهم للمحاكمة، وأصبح مطلوباً من مصر أن تجهض المؤامرة الكاذبة ضد حماس وأن تغلق فمها ولا تبحث عن قتلة الشهداء، وانطلق قادة حماس عبر وسائل الإعلام المختلفة يروجون لتبريرات تستفز المشاعر وتجرح الأحاسيس، ويلفون ويدورون حول عبارات من نوع: "مصر هى الشقيقة الكبرى وأمنها أمن فلسطين، وحدود مصر خط أحمر". "واشبع كلام من هذا الصنف"، الذى يشتت الجهد ويلخبط العقل ويضيع الوقت أملا فى طمس معالم الجريمة.
زاد الطين بلّه أن بعض المصريين ينحازون لخديعة حماس أكثر من حماسهم للقصاص للشهداء، ويتهمون الإعلام المصرى بأنه سبب البلبلة وينصحون بعدم مشاهدة "سحرة فرعون" وكأن الإعلام هو الذى تسلل عبر الحدود واغتال شهداءنا وهم يرفعون أيديهم بالدعاء "اللهم أنى لك صمت وعلى زرقت أفطرت ذهب الظمأ وابتلت العروق"، ولم يمهلهم المجرمون حتى يشربوا الماء، مع أنهم مسلمون وصائمون وموحدون، وينطبق عليهم حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس فى سبيل الله"، فلماذا قتلوهم؟.
يا ريت حماس تسيب مصر والمصريين فى حالهم، ففلسطين فى القلب ولكن مؤامرات حماس تدمى القلب وتؤلب المواجع.