الطبيعى لدى أى حكومة أنها تعمل معا، ووزراؤها يجلسون فى اجتماعات يقررون فيها كيف يمكن مواجهة الأزمات أو تنفيذ القرارات. لكن من الواضح أن هذه البديهيات غير متداولة فى حكومة الدكتور هشام، حيث يعمل كل وزير حسب اجتهاداته، أو أن الحكومة لا تتقابل مع بعضها. والنتيجة أن بعض القرارات تفسد غيرها من القرارات، وكأننا فى منافسة أو صراع. نقول هذا بمناسبة المشكلات التى تتداخل وتتقاطع. رئيس الحكومة يتحدث عن جذب الاستثمارات، بينما الحكومة تطارد رجال أعمال فى الداخل، وبينما تعجز عن حل أزمة السولار، تفكر فى مواجهة مع أصحاب المخابز.
الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، قام بجولة فى محيط القاهرة، للاطمئنان على الحالة الأمنية، وتحدث عن استعادة الأمن وأثره على عودة الاقتصاد لعافيته. ويمكن توجيه الشكر لرئيس الحكومة، لو وسّع من جولاته المفاجئة، لتصل إلى المناطق الخالية من الأمن على الطرق السريعة، والدائرية، وبعض الطرق المؤدية للقليوبية، والتى يواجه فيها المواطنون «التثبيت»، ويتعرضون للسرقة بشكل مكرر.
ولا نعرف لماذا لا يمد رئيس الحكومة جولاته الميدانية إلى عالم محطات السولار التى تمتد الطوابير فيها بالكيلومترات، وتسد الطرقات، ولا تحتاج أزمة السولار لجولة، بل إلى سياسة، ومصارحة الناس بموعد انتهاء هذه الأزمة التى تمثل تهديداً أمنياً واجتماعياً.
ويبقى السؤال: هل تعمل حكومة الدكتور هشام قنديل كفريق، أم أنها تعمل فى جزر منعزلة؟.. السؤال سببه أن وزارة التموين دخلت فى أزمة مع أصحاب المخابز بعد الإعلان عن إعادة تقنين حصص الدقيق وفروق الأسعار. المخابز تهدد بالإضراب، وهو ما يمكن أن يقود لكارثة فى حال نقص الخبز، فى وقت تتعقد فيه المشكلات وتتراكم. أصحاب المخابز يطالبون برفع سعر تكلفة إنتاج الدقيق المدعم إلى 120 جنيهاً للجوال بدلاً من 80 جنيهاً، ويطالبون أيضاً بمستحقاتهم المتأخرة لدى الحكومة.
قضية الرغيف والسولار هى القضية المصيرية التى تحدد مدى نجاح وفشل الحكومة، وحتى الآن تبدو فاشلة فى مواجهتها أو وقف نزيف الدعم والتهريب، بسبب فساد حكومى كبير يسمح بتسرب الدعم بعيداً عن الرقابة. وتعرف حكومة قنديل أن اللعب فى الرغيف أخطر مناطق يمكن أن تفتح باب الغضب الجماهيرى الكبير، وهو غضب يمكن أن يكون بمثابة زلزال، وما نزال نتذكر ما جرى عام 2008 عندما أطلقت بالونة اختبار حول الدعم، واشتعلت أزمة العيش، وسقط فيها قتلى وجرحى.
يفترض أن تختار الحكومة الوقت والطريقة المناسبة، وأن تسبق القرارات الفوقية مناقشات ومفاوضات تشرح القرار للجمهور، أولا بوصفه صاحب المصلحة، وأيضا لأطراف المشكلة. والأهم أن القضايا التى تتعلق برغيف الخبز والدعم يفترض طرحها لنقاش واسع فى مجلس الشورى بصفته الجهة التشريعية والرقابية، خاصة أن الرغيف قضية تخص 99% من المصريين، ولا مانع من تنظيمها أو إعادة هيكلتها بشرط ألا تنتهى بكارثة.
الواضح حتى الآن أن الحكومة لا تعمل بخريطة كاملة، إنما تتحرك بالقطعة، وهو أمر يجعل المشكلات والكوارث قابلة للتكرار، بينما الطبيعى أن هناك حكومة واحدة تمارس دورها بما هو أكثر من الجولات الميدانية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة