لدينا كمية من المتحدثين الرسميين، وليس لدينا حديث رسمى، وعندنا فائض من المصرحين، وليس لدينا غير تصريحات جبر الخواطر، ولدينا مراكز معلومات تكفى ثلاث دول وتفيض، ومع هذا ليس لدينا إجابة عن أى سؤال، مع العلم أننا فى عصر المعلومات والاتصالات.
لدينا مراكز معلومات، وليس لدينا معلومات، ونلجأ غالبا إلى ضرب الودع، وقراءة النجوم لمعرفة ما يجرى من حولنا، ومن تحتنا ومن خلفنا، وهى ظاهرة تشترك فيها الرئاسة والحكومة، ومجلس الشورى وباقى المؤسسات و«المخمسات والمربعات».
الرئاسة لديها متحدثون رسميون كثيرون، أغلبهم يمارس النفى قبل الإثبات، ومن الصعب أن يحصل المواطن على إجابة شافية لما يحدث، وقد عرفنا الدكتور ياسر على متحدثا رسميا أو نافيا، قبل أن ينتقل إلى مركز معلومات مجلس الوزراء، ليترك عددا من المتحدثين الرسميين الجدد.
وانتقال الدكتور ياسر إلى رئاسة مركز المعلومات قصة تخلو من المعلومات، وليس لها تفسير منطقى أو علمى غير إعادة منح الممنوحات. والدكتور ياسر ليس من خبراء المعلومات، ولا من حكماء الاتصالات، فضلا على أنه لم يقدم فى خدمته كمتحدث ما ينبئ عن موهبة عبقرية فى تنظيم وبث المعلومات.
ولو ذهبنا إلى مركز المعلومات، ودعم اتخاذ القرار، فهو مركز أقيم لخدمة اتخاذ القرار وتوفير المعلومات والأرقام الصحيحة والكافية التى يمكن أن تقدم خدمة لصانع القرار، فى الرئاسة أو الحكومة، أو حتى الاستثمار والجمهور، لكن المركز لم يكن أبدا مركزا للمعلومات والقرار، لكنه غالبا ما تفرغ لاختراع استطلاعات رأى تظهر الرئاسة والحكومة على أنهما الأفضل، وأن المواطنين يرضون عنهما. وللحق فقد كان هذا فى عهد مبارك وحكوماته، لكنه للأسف استمر كذلك بينما كان يفترض أن يصبح مركزا مستقلا يقدم خدمة للدولة بصرف النظر على التأييد أو المعارضة.
وأهم وظائف مراكز المعلومات أنها توفر البيانات والإحصاءات، وتتوقع المشكلة قبل وقوعها، لكن ما يحدث أن الحكومة تفاجأ بالأزمات مثل المواطنين تماما، وهو ما ظهر فى أزمات السولار والكهرباء، والتى ما أن تظهر حتى تقع الحكومة فى حيص بيص وتفقد توازنها، وتبدو جاهلة بما يجرى، وينعكس هذا على الأداء، والتصريحات المتناقضة، والأرقام الخاطئة المرتبكة، بالرغم من أن أهم وظائف الحكومة هو توقع الأزمات قبل وقوعها، والتخطيط لتلافيها، والعمل على عدم اتساعها، ومخاطبة الرأى العام بالحقائق حتى لا تتواصل تفاعلات الأزمة وتتعقد.
ومع هذا يخرج رئيس الوزراء ليعرض على المواطنين أن يسألوه، وأنه على استعداد للإجابة عن أى سؤال، لكن الإعلان عن موقع «اسأل استشر» رئيس الوزراء، جاء فى وقت تغيب فيه المعلومات أو الإجابات، وهناك نوع من الأسئلة يفترض أن تكون الإجابة عنها اختيارية لا تنتظر سؤالا من المواطن، فطابور السولار أو العيش هو فى حد ذاته سؤال مطروح منذ أسابيع، لا يجد إجابة من أى نوع.
وليست الحكومة بأفضل من الرئاسة التى لم تجب هى الأخرى عن أى سؤال مطروح، وكأنها لا تعيش بيننا، وكأننا أمام مراكز معلومات للفرجة، ومتحدثين رسميين أقرب للخرس.