وأنت تستمع إلى تهديدات الرئيس مرسى للمعارضة، واستخدامه تعبيرات من نوع: «اللى هيحط صباعه داخل مصر هاقطعه»، أعد قراءة هذه المحطات فى تاريخ مصر القريب.
1 - فى أواخر حكم الرئيس الراحل أنور السادات، شهدت مصر اقتتالا طائفيا بين المسلمين والأقباط، تم إحراق كنيسة فى الزاوية الحمراء، كنت لدى أحد أقاربى فى منطقة الوايلى، وجريت مع المئات نحو الكنيسة فشاهدت بنفسى المبنى وهو قطعة لهب، رأيت الهجوم على محلات الصاغة بالسلاح، وسيبقى فى ذاكرتى مشهد محال مغلق احتمى بيافطة ورقية مكتوب عليها: «صاحب هذا المحل مسلم ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله»، كانت اليافطة بمثابة توضيح ليافطة رئيسية على المحل لكنها تبعث للبس، هل صاحب المحل مسلم أم مسيحى؟، بعدها بأيام أصدر الرئيس السادات قرارات 5 سبتمبر عام 1981 باعتقال 1500 من الرموز السياسية مثل فتحى رضوان ومحمد حسنين هيكل وفؤاد سراج الدين والمهندس عبدالعظيم أبوالعطا والدكتور عصمت سيف الدولة وحمدين صباحى وكمال أبوعيطة ومحمد عبد القدوس، كان المعتقلون من أطياف سياسية مختلفة، وبعد شهر اغتيل السادات أثناء العرض العسكرى يوم 6 أكتوبر.
كان الاغتيال مأساويا ومرفوضا، لكنه كان يعبر عن لحظة تاريخية بلغت فيها مصر حد الاختناق، اصطفت المعارضة وقتها على شط، بينما كان السادات على الشط المقابل، وانعدم الأمل فى نقطة التقاء بين الطرفين، من يطالع الكتاب إلهام «حواراتى مع السادات» لأحمد بهاء الدين، سيعرف أن السادات كان لا يساوره الشك فى أنه الصح، والمعارضة خطأ، سيجد أوصاف السادات لها بـ«العمالة» و«الخيانة»، فتح السادات النار بضراوة على المعارضة، وبادلته المعارضة نفس الهجوم، وضعها فى السجن ثم اغتيل.
2 - فى السنوات الأخيرة من حكم مبارك، بلغ ضيق النظام مبلغه من المعارضة، أصبح هناك استقطاب حاد، زاد منه قصة التوريث، ماتت الأحزاب فى مقابل ولادة حركات احتجاجية وكانت الريادة لحركة كفاية.
نظمت هذه الحركات احتجاجات فى الشارع، دخل على الخط احتجاجات فئوية يومية على رصيف مجلس الوزراء، زور النظام انتخابات مجلس الشعب عام 2010، كان التزوير فاضحا، لكن مبارك ونظامه غرق فى الزعم بأنها تجديد للثقة فيه، والشاهد قول مبارك عن البرلمان الشعبى الذى تكون فى موازاة مجلس الشعب الرسمى المزور: «خليهم يتسلوا»، من يعود إلى الخطاب السياسى لمبارك ونظامه قبل الثورة سيجده على عهده فى يقينه بأنه الصح والمعارضة خطأ، سيجد أوصافا للمعارضة مثل «الخيانة والعمالة»، بعد أسابيع من تزوير نظام مبارك للانتخابات تفجرت ثورة 25 يناير.
3 - اللحظتان السابقتان فى تاريخ مصر، لا يقرأها نظام مرسى، لا تقرأها جماعة الإخوان، لا يقرأها كل من يدور فى فلكها، لا يقرأها كل من يلقى باللوم على المعارضة، لا يقرأها كل من يجهل المراحل التى تلى الثورات، هؤلاء يزينون الطريق لمرسى، هؤلاء يتعاملون باستعلاء مع الماضى والحاضر، تصريحات مرسى وتهديده للمعارضة الأحد الماضى تعيدك إلى اللحظتين السابقتين فى تاريخنا، فى هاتين اللحظتين دفعت مصر ثمنا باهظا، سالت دماء، خرجت مصر من التأثير فى محيطها الإقليمى، كانت الديمقراطية قولا لا فعلا، غابت حقوق الإنسان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة