كان مشهد الوفد المصرى فى قمة «الدوحة» العربية مؤثرا ومؤلما ومخجلا، يسأل الواحد نفسه: ما السبب الذى جعل الوفد برمته يغرق فى النوم العميق مرة واحدة؟ فلا يجد إجابة، يتذكر أساطير الإخوان عن الدكتور محمد مرسى الذى يقولون عنه، إنه منذ تولى الحكم لا ينام إلا قليلا، فيقول لنفسه: «يعنى حبكت»، يكون هذا «القليلا» أمام كاميرات الصحف والفضائيات العالمية والمحلية؟ ولأن الجماعة عودتنا دائما على أن تبنى أمجادها الوهمية، بالمقارنة بأمجاد «النظام السابق»، سارع الناس إلى المقارنة بين مرسى ومبارك الذى يكبر مرسى بعشرات السنين، ومع ذلك لم نره نائما فى مؤتمر كهذا، ولأن المقارنات لا تنتهى، ولأنها أيضا تصب فى مصلحة مبارك فى كل مرة شعرت بالخطر الحقيقى، فسواء قصدت الجماعة أو لم تقصد، فإن كل ممارساتها تدمر الثورة وتصيبها فى مقتل، وبقصد أو بدون قصد أيضا.. لا يظفر أحد من حماقات الجماعة بقدر ما يظفر مبارك، وكأن الجماعة تقول له: كل ما نفعله «من أجلك أنت».
للأسف صار عاديا أن تسمع الناس فى الشوارع يقولون «ولا يوم من أيامك يا مبارك» تحاول أن تقنعهم بأن كل المصائب التى نراها بما فيها مصيبة حكم الإخوان، بسبب مبارك الذى عمل على تجهيل الشعب، وإفقاره عشرات السنين، فيقتنع البعض ويصم أذنيه البعض، ولا يملك الواحد إلا التماس العذر لمن يصم أذنيه عن هذه الحجة، فأهم شيء عند المواطن سواء كان فقيرا أو غنيا، هو الأمن والأمان والاستقرار ودوران عجلة الإنتاج، وهى الأشياء التى كان مبارك يحققها برغم فساده فى العديد من الأمور، وهى ذات الأشياء التى أقسم الإخوان على تحقيقها فور توليهم السلطة، وفشلوا فى تحقيقها بالجملة.
تتضح الصورة أكثر، وتتأكد من أن الإخوان لا يحاربون شيئا قدر محاربتهم للثورة، ولا يمجدون فى أحد مثلما يمجدون فى مبارك، حينما ترى حملاتهم المسعورة على رموز المعارضة، وهم يلوكون نفس الأكاذيب المريضة عن الدكتور محمد البرادعى، ويبتكرون من خيالهم المريض ما يتخيلون أنه يشوه حمدين صباحى، ويقفون على أهبة الاستعداد دائما لتشويه أى فرد يبزغ نجمه، تعلو أسهمه بين الناس، لأنهم «يحسبون كل صيحة عليهم»، أضف إلى ذلك مقدار ما يتمتع به الإخوان من «جلافة»، وهم يعيدون إنتاج نظام مبارك على الطريقة الإخوانية، فيدمرون مؤسسات الدولة، ويدمرون أمننا القومى ويعبثون فى الحقول الشائكة، ويشوهون صورة الدبلوماسية المصرية، ويتملكون النائب العام، ويسارعون فى أخونة القضاء، ويجتهدون من أجل اختراق الجيش، كما يدمرون علاقاتنا الدولية الراسخة، ولا يخططون لشىء إلا لاستيلاء أبناء الجماعة على مقاليد السلطة فى كل ربوع مصر، بما يعنى أنهم يستبدلون شلة جمال مبارك، بشلة خيرت الشاطر، مستبعدين أبناء الشعب المصرى تماما عن المشهد، وكأن المكتوب على الشعب المصرى أن يظل محروما من بلده دائما، لأن الجماعة لا ترى إلا أبناءها، حينما تفكر فى المغانم، أما بقية الشعب فيكفيه عندها زجاجة زيت قبل الانتخابات، أو بطانية وقت الأزمات، أو وعد بالجنة قبل الاستفتاءات.