قلنا عشرات المرات إن الحق فوق القوة، والقانون فوق الجميع حاكمين ومحكومين، لكننا نرى من يبررون الباطل ومن يحولون المعارك إلى أشخاص، ويقلبون الحق باطلاً. نقول هذا بمناسبة عودة اللغط حول النائب العام بعد حكم محكمة الاستئناف ببطلان تعيين المستشار طلعت عبدالله نائباً عاماً، وإبطال قرار رئاسى كان واضحاً من البداية أنه خاطئ.
الخطأ لا علاقة له بأشخاص المعين أو المفصول، فالدستور السابق والحالى يقول إن النائب العام يتم اختياره من ترشيحات المجلس الأعلى للقضاء، وهو أمر لم يحدث وبالتالى بنى على باطل ولا يصح معه التبرير، وليس له علاقة بمدى الحب أو الرفض لشخص المستشار عبدالمجيد محمود أو طلعت عبدالله. بالرغم من أن المقارنة بين الاثنين تأتى لصالح عبدالمجيد محمود بفروق ضوئية.
السادة المبررون من ترزية الضمير الميت يصرون على تبرير الباطل والدفاع عن التسلط. ويخترعون من أجل هذا قصصا وحكايات ومؤامرات اتضح أنها من نسج خيال متلبك. مرة يقولون إن إزاحة عبدالمجيد محمود كانت من مطالب الثورة. وأخرى يقولون إنه كان وراء براءة المتهمين بقتل المتظاهرين، ناسين أنه هو من حبس مبارك فضلاً عن أنه استند لأدلة قدمتها السلطة التنفيذية. والأهم هنا أن عبدالمجيد محمود أصر، بالرغم من علمه أنه لن يعود، على أن يبرئ ساحته من اتهامات باطلة طالته، ضمن حملة تبرير الاستبداد. والرجل كل ما فعله أنه لجأ للقضاء، وأثبت إلى أى مدى يمكن للاستبداد أن يطيح بالحق.
بالرغم من خروج عبدالمجيد محمود لم يقدم النائب العام الجديد دليلا واحداً يدين من تمت تبرئتهم أو أعاد فتح تحقيق. وكل ما فعله أنه تحول إلى أداة فى يد جماعة الإخوان ومكتب الإرشاد وطارد المتظاهرين وتورط فى تنفيذ تعليمات الرئاسة بمحاولة إدانة متظاهرين أبرياء أمام الاتحادية وضغط على المستشار مصطفى خاطر ليدين أبرياء وهو أمر مسجل فى تقرير قدمه خاطر للمجلس الأعلى للقضاء. وأخيراً ينفذ النائب العام تعليمات الجماعة بضبط وإحضار نشطاء متهمين بمهاجمة الجماعة، بالرغم من عدم وجود أدلة، بل إنه اتهم علاء عبدالفتاح بحرق مقر المرشح الرئاسى السابق أحمد شفيق، الذى فجر مفاجأة عندما قال إنه تنازل عن بلاغه.
لكن طاقم الضمير المستتر يبرر الباطل، ويحاولون تصوير القضية على أنها تخص أشخاصا، بينما هى تخص عدوانا على القانون والقضاء والعقل والمنطق، وتظهر إلى أى مدى يغضب الرئيس من أجل مكتب الإرشاد، أكثر مما يغضبه حصار المحكمة الدستورية، ويغضب النائب العام على غضب الرئيس، وليس على انتهاك القانون. ويتحول من ممثل للشعب والقانون إلى ممثل لجماعة ومصالح خاصة، ثم بعد ذلك فإن أصحاب الضمائر الميتة من أنصار الاستبداد يتهمون من يدافع عن القانون بأنه يدافع عن شخص. بينما العدوان على القانون مستمر بلا توقف خلال شهور فى إعلانات وقرارات خاطئة وتقود البلاد إلى صدام وفوضى.
الأولى أن يسارع الرئيس إلى مراجعة قراراته ومستشاريه، وأن يعود للشعب بسرعة وألا يبقى طويلاً فى عالم جماعة تواصل عملها سرا بالرغم من أنها تمتلك كل السلطات العلنية.