دولة شبرا العظمى

مع الاعتذار للفنان الراحل "فريد شوقى"، سلطان دولة "بورينجا"، لقد تناثرت الأخبار فى الآونة الأخيرة عن إعلان متظاهرى شبرا استقلالها وتسميتها بمحافظة شمال القاهرة.

ما أشبه اليوم بالبارحة، تعود بنا الأيام لنتذكر معا أحداث دولة "إمبابة" التى صاحبها أحداث فوضوية، وما لبثت أن انتهت كما ستنتهى كل هذه الأحداث الهزلية.

من ينفخ فى النار ويسعى إلى بث الفرقة والانقسام، يحتاج من الشعب وقفة جادة لنبذ الخلافات وأسباب الفتن، وعلى من يظهر على شاشات التليفزيون ويلقى كلمات، ولا يلقى لها بالا، يعلم أن أعداء الوطن ومن يوالونهم يتربصون بكل ما يعرض بوسائل الإعلام، لكى يلهب حماس المتعصبين، ومن ينفذون أجندات خاصة لا نعلمها، بغرض دفع الشباب اليائس إلى تكسير عظام الدولة وتعطيل مفاصلها، وكل هذا يصب فى عكس اتجاه مصلحة الوطن.

نجحت القوى الإمبريالية فى تقسيم السودان، واختلاق الأحداث والأزمات حتى تم لهم ما أرادوا وتقسيم الدولة الواحدة إلى دولتين شمالية وجنوبية، وضعفت قوى الدولة الواحدة، وتبعثرت ثرواتها، وتلك المعطيات هى التى ستدفع الدولتين إلى التناحر والحرب فى المستقبل ومحاولة الاستئثار بمصادر الثروة.

وفى الجانب الآخر من العالم العربى، أنهكت أمريكا قوى العراق وتركتها تعانى من الانقسامات الداخلية، وأصبحت على فوهة بركان بعد أن نهبت ثرواتها، وبثت الفرقة بين أطيافها بعد أن كانت من أقوى الدول العربية فى المنطقة.

إن السياسة لعبة قذرة، القوى فيها يريد أن يستأثر بالقوة بمفرده وإنهاك قوى الآخرين دون شفقة أو رحمة.

على الشعب المصرى أن يتعلم من دروس التاريخ، ويدرك أنه مستهدف من أعدائه، لكى تمزقه الخلافات والفرقة إلى قوى متناحرة بين المسلمين والمسيحيين وبين الإخوان والسلفيين والليبراليين.

لقد عاشت مصر عبر تاريخها الطويل تحوى كل التيارات دون فرقة أو انقسام، وهكذا يكون المجتمع الذى يعيش فى مناخ صحى بعيدا عن الأمراض الاجتماعية التى لن نجنى منها سوى الخراب والدمار، فعاشت مصر وطنا آمنا متماسكا.