لقاء الرئيس وبعض أبناء الجالية المصرية فى قطر يحتاج إلى وقفة، وتفكير عميق وتحليل نفسى أكثر منه سياسى، حيث قال: هناك عدو من خارج مصر وشيطان يعبث داخلها، مستغلاً ضعف النفوس وضيق الصدور.. وهذا أمر طبيعى فى أى وطن، المهم كم تبلغ نسبة أصحاب النفوس الضعيفة؟ قليلة جداً، هل سمع أحد أن المساجد أو الكنائس خاوية، هل سمعتم أن الناس هجرت صلاة الفجر، هل سمعتم أن الناس توقفت عن الذهاب لأعمالها؟
أسئلة الرئيس غير مترابطة وتفتقر للمنطق السياسى والاقتصادى، وتعبيراته غير محددة فما المقصود بضعف النفوس وضيق الصدور، ولم نعرف ما المقصود بشيطان الداخل، ثم وفى إشارة للمخربين ومروّجى الشائعات، قال الرئيس: «جراب الحاوى مليان يخرج لك حمامة، فتقول تمام هذا رجل طيب المرة الجاية يخرج لك...» فيكمل بعض الحضور: ثعبان، ويواصل الرئيس الاستعانة بالأمثلة فيقول: لو مات القرد القرداتى يشتغل إيه؟!
مفردات الرئيس والأمثلة المستخدمة والإفراط فى تحريك اليدين، والتحذير بالأصابع والإشارات وتعبيرات الوجه والجسد.. كلها علامات تحتاج لتحليل دلالى ونفسى أكثر منه سياسى، ورغم محاولة الرئيس التبسط فى الخطاب، واستعمال أمثلة شعبية إلا أنها لم تخف توتره وضيقه بالمعارضة والرأى الآخر، كما لم تخف أن الرئيس يعانى من ضغوط هائلة اقتصادية وسياسية، خارجية وداخلية، لذلك بدت تحذيراته لكل من يتدخل فى الشأن المصرى الداخلى بمثابة اعتراف بوجود هذا التدخل والعجز عن مواجهته، لأن لغة التحذير والوعيد لا تجدى فى عالم السياسة والعلاقات بين الدول، خاصة أن الرئيس منذ تولى الحكم يتحدث ويعد.. ولا ينفذ، مما قلص من مصداقيته فى الداخل والخارج.
فى كلمات مرسى أمام مؤتمر المرأة، وفى قطر إلحاح على الظهور فى صورة الرئيس القوى الحليم، الذى يهدد المتآمرين بالقانون، واتخاذ إجراءات رادعة ضدهم، هؤلاء الذين يعتقد الرئيس وجماعته أنهم يحاربونه شخصيا ويكرهون المشروع الإسلامى ويحاولون النيل من مصر، وهنا تأتى مصر فى خطاب الرئيس فى مرتبة تالية دائما لشخصه أولا، ثم جماعته ثم المشروع الإسلامى.
والغريب أننا لم نعرف، وفى الغالب لن نعرف فى المستقبل، شيئا عن تفاصيل المؤامرة أو أسماء الأشخاص والهيئات والدول المشاركة فى هذه المؤامرة التى نجحت بحسب خطاب الرئيس وجماعته فى تشويه الإنجازات التى حققها مرسى ووزارة قنديل، والمشكلة أن كلام الرئيس يعكس إيمانا حقيقيا بأن هناك إنجازات وأن الحكم الجديد يسير على الطريق الصحيح، لكن هناك شياطين وسحرة وحواة! والأخطر قرداتية! وطبعا الكلام هنا قد يقصد به المعارضة والإعلام الذى يؤمن الرئيس وجماعته أنه هو سبب كل مشاكل مصر، لكن أود التوقف عند نظرية موت القرد ومستقبل القرداتى وأعتقد أن فيه إسقاطات وتأويلات مراوغة، فقد يقصد به أن الإعلام والمعارضة مثل القرداتى، وقد يفسر البعض من الخبثاء أن المقصود به أيضا علاقة الرئاسة بالجماعة. المفارقة هنا أنه بالبحث فى موسوعة الأمثال الشعبية لإبراهيم شعلان لم أجد مثل هذا المثل الغريب والذى ابتكره الرئيس ربما فى محاولة منه كى يبدو شعبويا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة