الجراد رمز للخراب والتدمير، الحشرة التى لا يتجاوز حجمها الخمسة عشر سنتيمتر، قادرة على نشر الدمار بسرعة، وإنهاء ملايين الأطنان من المزروعات فى ساعات. يتحرك فى أسراب الواحد بين 20 إلى 50 مليون جرادة، وأحيانا 100 مليون. والسرب الواحد قادر على التهام حوالى 100 ألف طن يوميا وهو غذاء مليون شخص لمدة عام.
عرفنا من أسابيع أن الجراد وصل البحر الأحمر، وتحرك إلى الشمال، وأعلنت وزارة الزراعة أنها تستعد لمواجهته، كانت أقوى هجمات الجراد من حوالى 10 سنوات، لكنه لحسن الحظ لم يتوقف فى مصر، وعبر إلى الغرب، وكانت خسائره أقل من المتوقع.
الجرادة تضع ما يتجاوز الألف بيضة فى حفر محصنة تفقس بعد مراحل للتحور، لتخرج منها جرادات تواصل الهجرة والتكاثر، مما يجعله قادرا على الحياة ومواجهة الفناء بلا نهاية.
يفقس البيض خلال شهرين، ويطير الجراد بسرعة 16 ـ20 كيلو متر فى الساعة، ويصدر صوتا موسيقيا باحتكاك أرجله بأجنحته، يأتى من أماكن توالده فى شرق السودان واريتريا والحبشة أثناء فصل الأمطار، ويهاجر فى الخريف وأوائل الشتاء إلى ساحل البحر الأحمر، حيث يتزاوج ويتناسل من جديد وتعود سلالته إلى أماكنها الأصلية، أو تتكون منها أسراب تتجه من البحر الأحمر فى الربيع إلى اليمن والعربية السعودية وإيران أو تتجه شمالا إلى دول الشرق الأوسط ومصر، حيث تتكاثر ثم تعود سلالتها، وقد تعبر من الصعيد إلى الشمال والقاهرة والدلتا، وتكون بالغة أو على وشك البلوغ، وتغيير مساراتها، وهو أمر ليس له قاعدة.
الجراد يتحرك فى أسراب إذا جاء عليه الليل يحط على الأرض ليبدأ فى التهام ما يقابله، بعض الدول تقاوم الجراد بالمبيدات، الكيماوية أو المقاومة البيولوجية من خلال فطريات يتم رشها، على شكل زيوت ترش من الطائرات) تصيب الجدار الخارجى للحشرة، وتخترق تجويف جسمها وتموت خلال (4–10) أيام، الفطر ينتقل من حشرة إلى أخرى سريعاً، ولا يؤذى النباتات والحيوانات والحشرات الأخرى كما تفعل الكيماويات.
كانت الأساليب القديمة على الإخافة أو الإحراق فى الخنادق، وهناك دول تعتبر الجراد نذير شؤم ومنها تشاد، حيث يختفى البشر من مواجهته، بينما تعتبره بعض الدول موسما سعيدا ومنها اليمن وبعض مناطق السعودية وإيران ودول آسيا، الذين يأكلون الجراد بأكثر من طريقة بالقلى أو التجفيف، ويحتفظون بكميات منه مخزنة، وفى السعودية تباع أكياس الجراد الحى بحوالى 500 ريال للكيس، حيث يحرص الوجهاء على وضعه على موائدهم.
الجراد يواصل دورة حياته بصرف النظر عن مصالح باقى الكائنات، فهو لا ينشغل بغيره، وإذا كان الجراد معذورا، لأنه لا يعقل وليست لديه أى علاقات بالبشر، هناك من البشر من يتصرف مثل الجراد، يهتم بنفسه، ويلتهم ما يقابله، وهو ما نسميه عقلية الجراد، وهو جراد معروف فى السياسة والاقتصاد، وقد عرفنا أنواعا من الجراد خلال السنوات الماضية، ومازلنا نواجه الجراد الذى يلتهم المواقع والمال والأراضى، إنه الجراد السياسى الذى لا يفكر إلا فى التهام ما يقابله، وهو ما نتحدث عنه غدا.