هل من المفترض أن تنهى عودة الأستاذة سحر المدرسة المختفية منذ ثلاثة أيام أزمة مدينة كوم أمبو وتطفئ نيران الفتنة الطائفية التى اشتعلت هناك بعد شائعات بوجود المدرسة داخل كنيسة مارجرجس بالمدينة؟
الأستاذة سحر ذات الـ36 ربيعا اختفت ثم ظهرت فى شرم الشيخ فى أحد الفنادق هناك وكما تردد فقد تزوجت من صديق لها عرفيا، ودفع ثمن اختفائها الشخصى مدينة بأكملها توقفت الحياة فيها وأغلقت أبواب محالها ومدارسها ودارت فيها رحى فتنة طائفية وحشود متعصبة حاصرت الكنيسة وهتفت ضد أبنائها ورشقتها بالطوب والحجارة بزعم تواجد سحر بداخلها.
الثمن يدفعه أيضا جسد الوطن المنهك الذى ينزف بدم أبنائه فى المنصورة والمحلة والسويس والإسماعيلية وغيرها وكأن ينقصه «الأخت سحر» لتزيد الطين بلة وتزيد من أوجاعه وآلامه وهمومه وأزماته بفتنة مفتعلة من أصحاب العقول الضيقة المتعصبة.
المفترض ألا يمر الحادث بلا عقاب حقيقى للذين قاموا بحشد البسطاء من الناس فى كوم أمبو والاعتداء على الكنيسة لمجرد اختفاء سيدة بالغة عاقلة بمحض إرادتها ودون أسباب دينية واتهام الكنيسة بإخفائها تمهيدا لتنصيرها فى تكرار لنفس السيناريو الممل والكريه الذى تستغله بعض التيارات المتطرفة والجاهلة لإشعال الفتن بين أبناء الوطن الواحد.
هل تمر فتنة كوم أمبو مثل باقى الحوادث الأخرى دون عقاب ومحاسبة للذين هددوا السلام الاجتماعى وضرب الوحدة الوطنية واعتدوا على المنشآت، أم أن دولة القانون مازالت غائبة عن الحساب والعقاب.
مجرد أن تختفى امرأة أو فتاة مسلمة أو مسيحية لأسباب عائلية أو لأسباب خاصة تتعلق بها تشتعل فتنة طائفية وكأن الفتيات والنساء أصبحن وقودا للفتنة الطائفية فى مصر مثلما حدث من قبل مع السيدة كاميليا شحاتة زوجة كاهن دير مواس ووفاء قسطنطين ثم عبير فخرى فتاة إمبابة.
تدور الحرب لمجرد شائعة فى مجتمع يحيا فوق أعصابه منذ سنوات وتحركه العصبية الدينية ولا يثور لعشرات الآلاف من الفتيات من أبناء وأمهات الشوارع اللاتى يتعرضن لكل أنواع الانتهاكات الإنسانية والجنسية.
ويبدو أننا لا نتعلم الدرس فى كل مرة ولا نتحرى الحقيقة بالعقل قبل الاعتداء على الكنائس ونشوب الفتن، فسوف تتكرر قصة سحر وعبير وكاميليا وغيرهن طالما أن الدولة غائبة والقانون ذهب بلا رجعة.