بعد طول غياب ظهر المجلس القومى لحقوق الإنسان فى وسائل الإعلام، بعد أن ظن الناس أن المجلس قضى عليه وانتهى أمره بعد أن غادره نصف أعضائه تقريبا، واستقال منه عدد من الشخصيات المعروفة مثل القيادى اليسارى عبدالغفار شكر ووائل خليل، ومحمد زارع، وعبدالخالق فاروق، وأحمد سيف الإسلام، وأحمد حرارة، وحنا جرجس، وإيهاب الخراط لاعتراضهم على سياسات المجلس وصمته فى عدد من المواقف المهمة، خاصة بالنسبة للإعلان الدستورى ولحقهم السفير محمود كارم الأمين العام للمجلس، الذى استقال احتجاجا على أحداث الاتحادية وصمت المجلس أيضا عليها. المجلس منذ تشكيله برئاسة المستشار الغريانى قام بتقديم المصالح السياسية على قيم الحقوق والحريات التى هى المعيار الأساسى له، وتخاذل المجلس عن أداء دوره فى الدفاع عن حقوق الإنسان بكل أشكالها وصورها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، أدى إلى فقدانه للثقة محليا ودوليا. المستشار الغريانى رئيس مجلس حقوق الإنسان ورئيس الجمعية التأسيسية التى أعدت الدستور بليل، تحدث فى ندوة أول أمس وتجاهل فى حديثه أحداث القمع والقتل والسحل التى يتعرض لها المتظاهرون فى بورسعيد والمنصورة والسويس والقاهرة، وتحدث عن أعضاء مجلسه «المحترمين» الذين مكنتهم الثورة وبوأتهم المكانة العالية، وبالتالى فالثورة لم تملِ على ضمائرهم الاعتراض والاحتجاج على ما يحدث من استبداد سلطة بذراعها الأمنى الباطش ضد المتظاهرين، ولم نسمع للغريانى وأعضائه فى المجلس الذى أصبح مجلسا خاصا لجماعة الإخوان بالتغاضى عن ممارسات النظام الجديد - ولى النعم - والصمت على انتهاكاته لابسط حقوق الإنسان السياسية ولا تحرك الدماء التى تسيل والشهداء الذين يتساقطون، ذرة من ضمير لأعضاء المجلس ورئيسه وقول الحق فى وجه سلطان جائر وتحميل مسؤولية ما يحدث للنظام وللرئيس نفسه. الغريانى يترك المسؤوليات الأصيلة للمجلس فى الدفاع عن حقوق الأبرياء من الشهداء وذويهم ولو بإصدار بيان يندد على الأقل بما يحدث، ويذهب فى كلمته أمام الندوة أو المؤتمر إلى لغة التخويف السياسى بالتحذير من الفوضى العارمة أو الرجوع للحكم الديكتاتورى أو الخيار الأخير باللجوء للصناديق. ولنا أن نسأل المستشار الغريانى ومجلسه المسمى بالقومى لحقوق الإنسان، ما هو موقفه من أحداث الاتحادية وقتل المتظاهرين، وما هو موقفه من قمع الشرطة فى المنصورة وبورسعيد التى استشهد فيها 5 أشخاص وأصيب فيها المئات.