كانت بورسعيد تشتعل، والمنصورة تنتفض، والإسماعيلية تدعو إلى العصيان، وأزمة السولار تتفاقم فى المحافظات، وألتراس الأهلى يرسل إشاراته التحذيرية قبل الحكم فى قضية مذبحة استاد بورسعيد، وكان رجل الأعمال الإخوانى حسن مالك، يواصل هجوم جماعته على جمال عبدالناصر.
قال «مالك» فى مؤتمر تدشين حملة «انفع غيرك» لطلاب الجامعات المصرية يوم الأحد الماضى، كلاما كثيرا عن الحرية والديمقراطية والاقتصاد، لكنه لم ينس- فى غمرة حماسه- أن يهاجم عبدالناصر، واصل تصفية الحسابات حتى لو كانت على حساب الحقائق التاريخية، تبدو جماعة الإخوان فى ذلك أنها لا تخوض حربها من أجل المستقبل، وإنما تخوض معارك الماضى، الطريق إلى «أستاذية العالم» كهدف نهائى يسير بتشويه تاريخ من يخالفهم، جمال عبدالناصر بالنسبة لهم ليس إرثا من الماضى، وإنما دخول للمستقبل، هو صاحب التجربة التى تختلف وتتفق معها، إلا أنها العنوان الأكبر للوطنية المصرية، الوطنية العابرة للحدود فأخذت بعدها القومى النابض، وألهمت ثوار العالم فى كل مكان، وما زالت تحمل شفرة المستقبل.
«مالك»، و«جماعته» لا يقرأون تراث الوطنية المصرية حتى بالحد الأدنى من الحياد والاعتدال، يريدون طمس عطاء رموزها، سعد زغلول، أحمد عرابى، مصطفى كامل، محمد فريد، مصطفى النحاس وغيرهم، فى المقابل يرفعون حسن البنا مؤسس الجماعة ومن معه إلى المرتبة التى لا يضاهيهم فيها أحد.
كان «البنا» بشرًا يصيب ويخطئ، لكنك لن ترى إخوانيا يتمسك بـ«إخوانيته» ويقدم نقدًا موضوعيًا لتجربة مؤسس جماعته، لم نر منهم من يقول صراحة إن «البنا» أخطأ فى تأسيسه لـ«التنظيم الخاص» الذى اغتال الخازندار والنقراشى وأحمد ماهر، وفجر منشآت فى النصف الثانى من الأربعينيات من القرن الماضى، وفشل فى محاولة اغتيال جمال عبدالناصر عام 1954 بميدان المنشية بالإسكندرية، ستجدهم فقط يتحدثون عن أن العملية مدبرة، رغم تأكيدها بالوثائق وشهادات أقطاب تاريخيين من الجماعة.
الاستعلاء على التاريخ يصنع تزييفًا، تنسى الجماعة أنها صعدت إلى الحكم فأصبحت فى مرمى الانكشاف، تنسى أن فشلها الآن يجعل رواياتها عن الماضى مكتوبة على كومة من الرمال.
قال «مالك»: «مفيش حرية إلا بطريقة سلمية، وإلا هنعمل مؤتمرات ونتكلم ونحضر مؤتمرات، ونشجب زى ما كان جمال عبدالناصر يشجب، والقومية العربية الواهنة اللى أوهنت الشعوب لفترة طويلة فى فترة عبدالناصر وصدام، وعودت الشعوب على الكلام، وخلت عبدالحليم يغنى اللى يقابل حبيبى سلموا لى عليه، حتى ما كلفش نفسه يدور على حبيبته، إحنا اتربينا على الوهن».
بالصدفة، جاء الرد بعد هذا الكلام بساعات من مجلة تايم الأمريكية، اختارت المجلة قرار جمال عبدالناصر بتأميم قناة السويس ضمن أهم 90 حدثًا عالميًا فى التاريخ الحديث، وصفت المجلة عبدالناصر بقولها: «من أكثر الشخصيات تأثيرًا فى الشرق الأوسط» ونقلت عن أحد الخبراء الغربيين: «كنا نظن أننا نتعامل مع قط، فى الواقع كان نمرا».. الأحداث الكبرى تعطى العافية، والوهن يصنعه الإخوان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة