بعد رحلة مع الحياة والسينما والفن، اختلط فيها الحنين بالأمل والعطاء بالجهد، وخبرة التجارب التى تخللتها علاقات الصداقة والحب والعمل، قررت النجمة الكبيرة ماجدة الصباحى كتابة مذكراتها، لتروى للأجيال المقبلة دورها فى الحياة ومع الحياة، وكيف عاشت كما أرادت، تعمل وتفكر وتقرأ وتمثل وتعيش عصرها بكل ما فيه من حضارة وعلم وفن وجمال ودهشة، وتعطى درسا فى كيفية أن يناضل الإنسان فى سبيل تحقيق أهدافه التى يؤمن بها، حيث ترصد ماجدة تجربتها السينمائية التى تجاوزت حاجز الـ70 فيلما سينمائيا متنوعا ما بين الاجتماعى والدينى والإنسانى والسياسى والعاطفى، وأيضا حكايتها مع الحياة والسياسة والحب.
ويكشف الباحث سيد الحرانى الذى يعكف حاليا على كتابة الجزء الأخير من مذكرات ماجدة الصباحى لـ«اليوم السابع» عن الملامح الرئيسية التى تتناولها الفنانة الكبيرة فى مذكراتها، حيث أوضح أنها تفصح خلالها عن علاقة الصداقة التى جمعت بين الرئيس السابق محمد حسنى مبارك وبين زوجها الفنان الراحل إيهاب نافع، الذى تتلمذ على يد الرئيس السابق عقب تخرجه من الكلية الجوية وممارسته لعمله كطيار فى جناح المقاتلات، واهتمام حسنى مبارك الخاص به وحضوره حفل زفافهما وإهدائه لهما «كارت» بتوقيعه، سترفقه الفنانة فى المذكرات بالفصل الخاص بمبارك، وأشار الباحث إلى أن ماجدة لن تسهب فى الحديث عن فترة حكم الرئيس السابق مبارك، ولن تتعرض لتفاصيل كثيرة فى مرحلته السياسية، ومنها أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير حفاظا على أواصر الصداقة العائلية التى امتدت بينهما.
ويؤكد الكاتب أن المذكرات ستسرد فصولا مهمة فى فترة حكم الزعيم جمال عبدالناصر والرئيس الراحل أنور السادات وترصد مدى اندماج الحياة السياسية بالفن فى ستينيات القرن الماضى، وتدخل الجهات السيادية فى الأعمال، حيث تكشف المذكرات تدخل المخابرات العامة بالإشراف على تصوير الفيلم السينمائى «جميلة بوحريد» بطولة ماجدة وإخراج يوسف شاهين، والذى تم إنتاجه عام 1960، وسرد فى تفاصيله المقاومة الجزائرية للاحتلال الفرنسى، ويشير سيد الحرانى إلى أن الفنانة القديرة حرصت على ذكر واقعة الأزمة التى افتعلت بسبب فيلمها السينمائى «المراهقات» إخراج الراحل أحمد ضياء الدين والذى تم إنتاجه أيضا عام 1960، عندما طالب وزير التربية والتعليم وقتها الجميع بأن يشاهدوا الفيلم وقامت الدنيا وقتها ولم تقعد، متسائلين بقولهم: «كيف لوزير التربية والتعليم ينصح الطلاب بمشاهدة فيلم عن المراهقات!»، وتم احتواء الأزمة.
وتحكى ماجدة الصباحى فى مذكراتها عن الحروب الشعواء التى كان يفتعلها الإسرائيليون وحروبهم ضد النجوم المصريين فى المهرجانات الفنية بالقرن الماضى، حيث تروى كيفية خسارتها فى بعض المهرجانات بعد أن شاركت بأحد أفلامها السينمائية، وتم الإشادة بدورها، ولكن خسارتها جاءت لكونها تحمل الجنسية المصرية، وتوضح أن الخسارة أتت لكى يقال «مصر خسرت وخرجت هذا العام بدون جوائز»، ويقول كاتب المذكرات «إن الفنانة ماجدة خاضت بالتفاصيل فى توضيح عمق وأهداف هذه الحروب على الفن المصرى، وافتعال المعارك الوهمية لإبعاد مصر بأى طريقة عن حصد الجوائز».
وتتعرض النجمة فى مذكراتها لكشف تفاصيل حياتها الزوجية وقصة حبها للفنان الراحل إيهاب نافع وزواجهما وفترة الحب والانفصال فى حياتهما، والأعمال السينمائية التى اشتركا فى بطولتها سويا، وتتطرق للحديث عن حياتها العائلية وأسرتها وحسها السياسى وإيمانها الشديد بالهوية العربية.
وتكشف ماجدة فى المذكرات شغفها الكبير بالسينما وحرصها على إنتاج أعمال سينمائية كثيرة، تناقش قضايا المرأة والفتاة والمراهقة وفترات الحب، وتأثير غياب رب الأسرة عن عائلته، إضافة إلى مساهمتها فى تقديم العديد من الوجوه الفنية الجديدة على الساحة السينمائية وصداقتها مع نجمات جيلها من فنانين ومخرجين وكتاب ومطربين.
ويؤكد سيد الحرانى أنه حرص على تفريغ وكتابة وتوثيق المادة المسجلة مع ماجدة، بجانب اطلاعه على جزء كبير من الصحف والمجلات الفنية واليومية التى أصدرت فى الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضى، إضافة إلى جمع صور فوتوغرافية نادرة عن حياة ماجدة منذ طفولتها مرورا بمراهقتها وصباها وحتى الآن، وتتخللها صور كواليس أفلامها والمهرجانات التى مثلتها والمؤتمرات الدولية التى حرصت على حضورها.
وأرادت النجمة الكبيرة أن تحفظ تراثها الفنى بالكامل داخل متحف خاص شيدته بمجمع «ماجدة للفنون» بأكتوبر، حيث يضم المتحف مجموعة كبيرة من الأعمال المهمة فى تاريخ السينما المصرية، بجانب أفلام الفنانة الكبيرة، للحفاظ على هذا التراث السينمائى المصرى من الضياع.
والمعروف أن النجمة الكبيرة ماجدة من أشهر الفنانات فى ستينيات القرن الماضى، قدمت العديد من الأعمال المهمة فى تاريخ السينما المصرية مع كبار المخرجين والكتاب، على رأسها أفلام «بنات اليوم» إخراج بركات، و«القبلة الأخيرة» إخراج محمود ذو الفقار، و«هجرة الرسول» إخراج إبراهيم عمارة، و«الحقيقة العارية» و«شاطئ الأسرار» إخراج عاطف سالم، و«أين عمرى» إخراج أحمد ضياء الدين وكان آخر أعمالها فيلم «ونسيت أنى امرأة» للكاتب الكبير الراحل إحسان عبدالقدوس والمخرج عاطف سالم، وتم عرضه فى منتصف التسعينيات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة