إذا كنا نرى أن الشارع المصرى يغلى بالفوضى والبلطجة، فإن ذروة غليانه هى الفتن الطائفية التى أخشى على الوطن والمواطن منها، خاصة أن الأحوال فى مصر الآن تساعد على اشتعالها فى أى لحظة، ودون مقدمات، والدليل فتنة «الخصوص» وأحداث «الكاتدرائية» التى اشتعلت نيرانها فى دقائق معدودة، وكادت أن تحرق مصر.
إن قنبلة الفتنة الطائفية قابلة للانفجار فى أى وقت، وفى أى مكان، خاصة أن طرفى الفتنة فى مصر أصبحت وراءهما ميليشيات تستطيع أن تحرق وتقتل وتخرب البلد فى أقل من 10 دقائق، ولا توجد قوة فى مصر قادرة عليهم منذ هوجة 25 يناير، فهم يتحدثون باسم الله أو الرب، ولديهم من الحجج ما يمكن أن يشعلوا بها مصر بنيران الفتنة فى أى وقت.
وما حدث مؤخراً فى فتنة الخصوص، وأمام كاتدرائية العباسية خير دليل على أن الشارع الآن يحكمه «بلطجية الفتنة» من خلال استخدام الطرفين ميليشيات غير مرئية، تستخدم كل أنواع السلاح لتقتل وتذبح وتثير الرعب فى كل مكان، وكأن هناك شياطين قد خرجوا من باطن الأرض ليشعلوا نار الفتنة فى كنائس ومساجد مصر. هذه هى مصر الآن فى ظل حكم الإخوان الذين تسببت سياساتهم فى زيادة جرعة الاحتقان، خاصة بعد التصريحات الغريبة والطائفية التى صدرت من عصام الحداد، مستشار الرئيس محمد مرسى، والتى أدت إلى خلق أزمة نتج عنها اعتكاف البابا تواضروس حزنا وغضبا على تصريحات هذا المسؤول الذى بدلا من أن يقدم حلولا لحل هذه الكارثة، خرج علينا بتصريحات يزعم فيها أن الأقباط الذين تواجدوا أمام الكاتدرائية هم الذين كانوا يطلقون النيران على رجال الأمن. لقد ساهم الحداد فى إشعال نار الغضب بدلا من أن يقدم روشتة حقيقية لحل الفتنة الطائفية فى مصر. ومن أجل الوصول إلى وصفة علاجية سليمة تضمن لنا عدم إيقاظ الفتنة من نومها، وتنقذ البلد من النيران التى تشتعل يوما هنا ويوما هناك بسبب مسلم أحب مسيحية، أو سور كنيسة آيل للسقوط، وغيرها من الأسباب التى انهارت الوحدة الوطنية على ضفافها، نحن نحتاج إلى أن نبنى جدارا لحماية وحدة مصر الوطنية فى ظل انتشار الفتن الطائفية، حتى أصبحنا جميعا نخشى أن نستيقظ على فتن جديدة، لأن عوامل اشتعالها أكبر بكثير من عوامل إطفائها.