كل يوم نكتشف أن بعض كبار السياسيين الجدد من الإرهابيين السابقين، تتملكهم رغبات هائلة فى لعبة بوليس وحرامية، لكنهم يفضلون الجمع بين دور البوليس والحرامية فى آن واحد. وبالرغم من أنهم يتحدثون باسم الثورة، نكتشف أنهم لم يدركوا معنى التغيير، ولا يلقون بالا لحقوق الإنسان ولا الحيوان، ويحبون ممارسة حقهم فى القمع والمنع ضمن عقلية ميليشياوية بحتة.
نقول هذا بمناسبة تصريحات عاصم عبدالماجد عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية التى يطالب فيها شبابه بالنزول للشارع ودفع الناس لما يراه عبدالماجد تعاليم الإسلام. هى ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التى تكشف عن فهم مقلوب لكبار الميليشياوية الذين عينوا أنفسهم متحدثين باسم الثورة والشعب والإسلام، بينما هم يكررون أفعال الجاهلية بكل سرور. ولهذا كان عبدالماجد وأمثاله هم أكثر من دافع وشجع نشر ميليشيات لتطبيق القانون فى الصعيد وغيره، وهم مع أى إلغاء للشرطة، بعد سنوات قضوها فى العزلة لا يعرفون سوى العنف طريقا لتحقيق الأهداف، وهى حالة بدائية تحتاج إلى علاج نفسى وعقلى أكثر مما تحتاج لعلاج أمنى.
وأثبت عبدالماجد وزملاؤه من أعضاء الجماعات المسلحة السابقة بما لا يدع مجالا للتكهن بأنهم كانوا يحاربون قمع أمن الدولة من باب المنافسة، وليس من باب الإدانة، وقد قتلت بعض هذه الجماعات ونهبت وأحلت لنفسها ما حرم الله، لأنهم يريدون لعب دور البوليس.
وكشف سلوك هذه الجماعات طوال الفترة الماضية فى السياسة والشارع أنهم لم يكونوا يعارضون التسلط، لكن ينافسون نظام مبارك فى التسلط والقمع، ولا نريد تعميم مثل هذه الأحكام فهناك من بين أعضاء الجماعة السابقين من التزموا بالمراجعات الفكرية واعترفوا بأنهم ارتكبوا جرائم بناء على فهم خاطئ للفقه والإسلام، ومن هؤلاء الدكتور ناجح إبراهيم الذى يقدم طوال الوقت تفهما للواقع ويلتزم بوسطية وتفهم حقيقى، على عكس عدد من أعضاء مازالوا يعيشون فى الماضى ويتمسكون بفكر قمعى إقصائى يعجزون معه عن رؤية ما يجرى أو فهمه ويلبسون عقليات شرطية وقمعية، ومنهم السيد عبدالماجد وأمثاله الذين يتبنون أى أفكار تقوم على الميليشيات والسلاح، وهم لا يدركون حجم التحولات التى جرت فى المجتمع والعالم. وهم فى الواقع لم يكونوا أبدا مع التغيير وإنما مع أن يتولوا السلطة فقط ليمارسوا عقدهم النفسية وفهمهم الخاطئ الذى يثبت إلى أى مدى يسيطر الشعور الوهمى بالقوة على عقولهم ويدفعهم لخدمة سيناريوهات الفوضى. ويحركون ردود أفعال متطرفة لا تختلف كثيرا عن طريقتهم. ورأينا تيارات تنادى بالفوضى لمواجهة ما يحدث بنفس طريقة عبدالماجد وأنصاره، لنكتشف تكرار تجارب القاعدة وجماعات الإرهاب التى لم تخدم سوى أجهزة الاستخبارات وشركات السلاح. وما تزال تجارب زملائهم فى العراق وأفغانستان وباكستان والصومال، تثبت يوما بعد آخر أنهم لا يحملون إلا الخراب والانقسام والتفكك لبلادهم.
وبالتالى فإن مثل هذا التفكير الميليشياوى الذى لا يختلف عن القمع الأمنى للعادلى ومبارك، ويمثل جزءا من النظام السابق يحتاج لتغيير وعلاج.