بعد أن تقرأ الخبر القائل بأن جماعة الإخوان المسلمين التى تحكم البلد، ويمثل نوابها أغلبية نواب الشورى، ويسيطر رجالها على الحكومة، وواحد من أبنائها يجلس على كرسى الرئاسة، تنظم مليونية وتخرج فى مظاهرات لتطالب مجلس الشورى والرئاسة بتطهير القضاء، لا تضحك، ولا تطلب طبيباً نفسياً للكشف على قدرة الجماعة العقلية، ولكن تخيل المشهد هكذا..
أحد أكبر نجوم هوليوود على منصة حفل الأوسكار يقرأ قرار الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون، قائلاً: «أما جائزة الأوسكار لأفضل أداء تمثيلى لمشاهد الصدمة والاندهاش، فتذهب إلى المواطن المصرى أو أهل جماعة الإخوان فى القاهرة».. ثم تصفيق حاد، وقهقهات بلهاء على أنغام «المصريين أهمه.. حيوية وعزم وهمة»..
آسف يا عزيزى.. لكن أرجوك لا تتعامل مع الأمر كأنه سخرية أو استهزاء من مصريتك، فأنا لا أستثنى نفسى مما تحمله السطور السابقة أيا كان مسماه «شفقة أو سخرية أو استهزاء»..
بالبلدى كده.. وبدون لف ودوران، هذا ما يستحقه مواطنون اعتادوا أن يضحكوا على أنفسهم، ويحملونها آمال النوايا الحسنة التى أثبت التاريخ أنها لم تصنع أبداً أوطانا، وتلك أزمة ثورة 25 يناير، أنها سقطت فى بحر الإيمان بالنوايا الحسنة والأحلام، وارتوت منه حتى أصابها السكر، وغابت عن الوعى..
أتحدث عن صدمتك ياعزيزى من خط سير قضية مبارك والعادلى ببراءة المتهمين فى قضية موقعة الجمل، عن اندهاشك من القرار، وعودتك للبكاء على الشهداء والمصابين وأهاليهم، طبعاً قبل أى شىء، دعنى أقدم لك تحية على أدائك التمثيلى البارع، وقدرتك على اتقان دور المصدوم والمندهش من القرارات الخاصة بمحاكمات رموز نظام مبارك، وعدم وجود متهم واحد واضح بقتل المتظاهرين فى أيام ثورة 25 يناير، وكأن الثورة كلها كانت حلماً، وشهداءها أرواح صنعها الفوتوشوب..
أقول تمثيل.. لأن تمثيلك دور المصدوم والمندهش أهون بكثير من كون الأمر حقيقياً، لأنك لو مصدوم بجد، فلابد أن تدفع رأسك نحو أقرب حائط حتى تفوق من غفوتك..
مصدوم من إيه؟! هل تشعر بالصدمة من طريقة محاكمة مبارك؟، وأين كنت وكل ضباط الداخلية يحصلون على براءة من قتل المتظاهرين فى المحافظات المختلفة؟، وأين كنت وهم يحاكمون مبارك على سرقة 3 فيلات، تاركين كوارثه فى إفساد ماضى الوطن ومستقبله؟، وأين كنت وهم يتعاملون مع أهالى الشهداء ومع المصابين، كأنهم شحاتون وطالبو إحسان؟، وأين كنت والرئيس مرسى يعدنا بإعادة المحاكمة وتوفير أدلة إدانة جديدة ثم يكتشف أنه أضعف من أن يجبر الداخلية أو المخابرات الحربية على تقديم ما لديها من معلومات وأدلة لإدانة مبارك وقتلة المتظاهرين؟، وأين كنت وعشرات الجثث التى طحن جلدها فى لحمها فى عظمها أمام ماسبيرو، لم يجدوا لها متهماً واحداً بتنفيذ الجريمة، ولم يفتحوا لها أى أبواب تحقيق؟..
هل تشعر بالصدمة حقا؟!.. ألم تزرك الصدمة ومصر كلها لا تعرف حتى الآن من الذى قتل جنودنا على الحدود، ولا أحد يعرف من قتل 22 جندى أمن مركزى «غلبان» فى سيناء؟، أو لماذا لم يطلب الرئيس تحقيقاً موسعاً فى فشل العملية نسر، أو فى قضية مقتل جنود الأمن المركزى بسبب الإهمال؟
عزيزى المصدوم من البراءات ومن ضياع دم الشهداء، والمكتفى دوماً بتعليق الفشل على شماعة القضاء.. كف عن التمثيل، لأنك حتى هذه اللحظة لم تثبت رجولتك بالقصاص لأحمد بسيونى، وكريم بنونة، وباقى الذين استشهدوا فى جمعة الغضب، وأرجوك لا تتمادى فى أداء دور المندهش، لأن الرئيس الإخوانى الذى تناصرونه وتتهم إخوتك وجيرانك فى الشارع بالكفر والعداوة للدين بسبب رفضهم لسياساته هو نفسه الذى وعدك بالقصاص للشهداء، وضحك عليك بدل المرة ألف، وتملص من وعده باسم الدين والله تارة، والعدالة تارة أخرى.
عزيزى المصدوم لا تهتف ضد مبارك والعادلى وجمال وعلاء، لأنك لا تختلف عنهم كثيرا، فهم وعدوك فى الماضى برغد العيش، وأنت ومن يحكمون الآن وعدتم عشرات الأرواح برغد الاطمئنان فى الآخرة بالقصاص لأرواحهم ولم تفعلوا.. كلنا مجرمون!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة