لا يخفى على أحد مدى الانهيار والتدنى الذى وصل إليه الإعلام الرسمى فى عهد الوزير الإخوانى صلاح عبدالمقصود، ولا مدى الفشل فى إدارة ماسبيرو واتحاد الإذاعة والتليفزيون بكل قطاعاته، وهو أمر لا يحمل قدرا من المبالغة وليس مجرد اتهامات بالباطل، فمعظم العاملين بماسبيرو يؤكدون ذلك، وأيضا خبراء الإعلام والمتابعون لشاشات التليفزيون المصرى المختلفة، والتى باتت لا تنطق سوى بالتخلف ولا تعرض سوى وجهات نظر واحدة وهى وجهة نظر مؤسسة الرئاسة والحكومة وما تريده قيادات جماعة أو جمعية الإخوان المسلمين – لم نعد نعلم ما هو المسمى المفترض لها حاليا – إضافة إلى الفقر الشديد فى شكل الثورة وكأن ماسبيرو عاد سنوات وسنوات من التراجع التقنى والفنى.
ولا يستطيع وزير الإعلام ومن يروجون له أن ينكر كيف تحول ماسبيرو إلى جهاز أمنى عتيد تتم فيه كتابة التقارير فى المذيعين العاملين والمعدين وتحويل عدد كبير من المتمردين إلى التحقيقات وكل شىء بات يدار على طريقة «ادبح يا ذكى قدرة».
وصار ماسبيرو بوقا من أبواق الحكومة الفاشلة لذلك لم أستغرب أو أندهش مثل غيرى عندما وجدت الوزير صاحب الرؤية الإعلامية النافذة، والذى يدير ماسبيرو بكل مهنية وحيادية يعقد مؤتمرا تحت عنوان «الرؤية المستقبلية حول مستقبل الإعلام المصرى» وتواجد بجواره عدد من الشخصيات العامة وأصحاب القنوات وجلس «المناضل الكبير» حازم صلاح أبوإسماعيل متصدرا المشهد وبجواره الشيخ عاصم عبدالماجد يتحدثون بكل ثقة عن الإعلام ومستقبله وحريته؟ وذلك من المفارقات المضحكة المبكية، فكيف لأى متابع أن يصدق عبث وزير الإعلام والذى لا هم له هو وحكومته ومؤسسة رئاسته سوى أن يحمّلوا فشلهم المفرط فى إدارة البلد على شماعة الإعلام الخاص.
عن أى حرية يتحدث هؤلاء وهل من حاصر مدينة الإنتاج الإعلامى مرتين شخص آخر غير «أبوسماعين» وأنصاره، من هدد الإعلاميين وسبهم وشتمهم وهددهم بالحرق وحصار منازلهم والنيل من أسرهم، ألم يكن هما الشيخان حازم وعاصم!، كيف يجلس هؤلاء ليتحدثوا عن حرية الإعلام ومستقبله، وهم لا يعرفون سوى لغة التهديد والوعيد ورفع الأسلحة البيضاء وسب وإهانة كل من يختلف معهم!
وكان حاضرا أيضاً بعض مشايخ القنوات الفضائية الدينية والذين يسيئون للإسلام أكثر ما يروجون له، لذلك رفض الشيخ حازم «أبوإسماعين» فكرة أن يكون هناك رقابة ذاتية من وسائل الإعلام على محتوى المضمون، مطالباً وزير الإعلام بتشريعات تحكم العمل الإعلامى، وهى التشريعات التى سيضعها هو ورفاقه بالتأكيد، إضافة إلى وصف عاطف عبدالرشيد رئيس قناة «الحافظ» وسائل الإعلام الخاصة بأنها وسائل شيطانية ولديها خطط تكتيكية لهدم الدولة، وطرح مبادرة لإعادة بث الثقة من خلال منع إذاعة أى مواد من شأنها هدم السلام الاجتماعى وبث عدم الثقة بين المواطنين، ولكن يبدو أن وزير الإعلام يعمل بنفس طريقة أهله وعشيرته الذين يرغبون فى التقاط بعض الصور ومقاطع الفيديو لتصديرها إلى العالم لتؤكدوا على ديمقراطية حكم الإخوان الفاشل تماما مثلما فعل رئيسه وعقد مؤتمرا وهميا عن المرأة.. ليصدره للدول الغربية.. لتحن علينا وتمنحنا معونتها.
وما يؤكد كلامى هو لغة الخطاب التى استخدمها الوزير، والتى لا تختلف أبدا عن لغة أهله وعشيرته، حيث قال: «إن المال السياسى يسيطر على عدد كبير من القنوات الفضائية الخاصة، وأن هناك أهدافاً أخرى لدى تلك الوسائل بعيدة عن الأهداف الإعلامية، لافتاً إلى أن عدداً كبيراً من البرامج التى تُذاع على تلك القنوات لا ترى خيراً فى الحكومة ولا ترى خيراً فى البلاد، بالرغم من نجاح الحكومة خلال الأشهر القليلة الماضية فى ضخ كميات كبيرة من السولار أضعاف ما كان يُضخ فى السنوات الماضية- «استشهدت بهذا الجزء على سبيل المثال وللتأكيد على كيف يرى الوزير وجماعته الإعلام الخاص- والغريب أن الوزير وجماعته وأهله هم فقط الذين يرون أنه لا توجد أزمة فى الخبز وأن السولار يضخ بكميات هائلة، وكأن تلك الحكومة بكل مسؤوليها قد أصابها العمى، لا يرون طوابير السيارات أمام محطات البنزين، وهو ما يذكرنا بمقولة الرئيس مرسى عندما قال: «أنا أرى ما لا ترونه».
وصال الوزير وجال مؤكدا أن الرئيس بنفسه حريص على حرية الإعلام، وواصل الوزير تضليله المتعمد وكأننا لم نر الرئيس بصوته وصورته وهو يهدد ويتوعد الإعلاميين، وبالطبع تجاهل وزير الإعلام صدور قرار من النائب العام بضبط وإحضار الإعلامى باسم يوسف، ووحده صلاح عبدالمقصود الذى يصدق أن الرئيس ألغى الحبس الاحتياطى للصحفيين، ورغم أن الوزير فى الأساس زميل صحفى إلا أنه اجتزأ الأمر ونسى أن يقول إن الرئيس ألغى الحبس الاحتياطى فى تهمة إهانة الرئيس فقط، ولكن العقوبة لا تزال سارية، ولا أعرف عن أى حرية ومستقبل كان يتناقش هؤلاء فى ظل غياب الرموز الإعلامية الحقيقية.