يبدو أن جماعة الإخوان لم تكتف بكل ما تمسك به فى يدها من سلطات تنفيذية وتشريعية، وتريد أيضا السلطة القضائية، فى تجربة غير مسبوقة فى العالم الحديث أو القديم، ولا فى علوم السياسة والاجتماع والنسا والولادة والقضاء والقدر، بل إنها تريد لعب دور المعارضة، انتظارا لتعيين نفسها شعبا.
والمعروف والمرئى من واقع التجربة أن جماعة حصلت على السلطة التنفيذية ممثلة فى الرئيس مرسى وحكومته التى يديرها الدكتور هشام بفشل باهر. حيث فشل فى كل اختبارات الصحة والتعليم والنظافة والسولار والطرق والكبارى. ومع هذا حرصت الجماعة على منح مناصب تنفيذية لعدد من كبار الفاشلين. ورأينا محافظين ناجحين فى الفشل وتعيين الأقارب والأصهار.
ومع السلطة التنفيذية وبفضل الدستور الغريانى «النصف ليلى»، منحت الجماعة نفسها سلطة التشريع فى غيبة مجلس النواب، وتم التلاعب فى صواميل الدستور وتطبيخه بقدرات هائلة للترزية، ومنح سلطة التشريع لمجلس الشورى الذى انتخبه أقل من %10 من الناخبين، وتم استكماله بتعيين قيادات وأقارب وأصهار الجماعة بقرار رئاسى مكمل مثل المكملات الغذائية.
لم تشبع الجماعة وطلبت المزيد، وبحجة التطهير انطلقت الجماعة لانتزاع سلطة القضاء ومنحها لنفسها، لإضافة المزيد من التابعين، من أمثال المستشار طلعت النائب العام الريموتى الذى يعمل بالتعليمات ويصدر قرارات الحبس والإفراج حسب كاتالوج الجماعة، ويجعل من خصوم المرشد خصوما للنيابة، ومن أصدقاء الجماعة ضمن جمعية أصدقاء المرشد العام والنائب العام. ولم تكتف الجماعة بكل هذه السلطات وقررت القفز على القضاء وبمزاعم التطهير، جمعت أعضاءها للمطالبة بإزالة القضاء الذى لا يعجبهم ووضع غيرهم ممن يمكنهم العمل بالريموت. وبكل طرق المزايدة والخلط بدأت الجماعة زحفها، لاقتناص السلطة القضائية ضمن عملية تجميع السلطات. وللمرة الأولى نرى أنصار رئيس يحكم وحكومة تحكم وجماعة تشرع يخرجون فى مظاهرات معارضة لسلطات الدولة، وسط صمت رئاسى مطبق، واحتفاء من المرشد وجماعته. ليكرروا ما فعلوه من حصار المحكمة الدستورية وإرهاب مجلس الدولة. ولم تتطرق مظاهرات القطعان لإصلاح حقيقى لعيوب القضاء وفساده، إنما فقط رغبة فى امتلاك سلطة القضاء مع باقى السلطات، ونقلها لتبعية المرشد. بعد تمهيد مدفعى من كبار أعضاء جبهة «الدمير المطاط». التى تضع الجماعة جدول أعمالها. وبعيدا عن مزاعم التطهير، فقد فضح المرشد السابق مهدى عاكف جماعته وكشف عن عملية تصفية لثلاثة آلاف قاض، واستبدالهم بقضاة يسمعون الكلام. لنكتشف أن الموضوع «طهارة» وليس «تطهير». كل هذه السلطات والجماعة يبدو أنها قررت كما فعل الحزب الوطنى فى أيامه الأخيرة، اقتناص دور المعارضة، ولعب كل الأدوار. بهدف التوفير والتنظيم للعملية السياسية، بعد استبعاد المعارضة بكل أنواعها ومشتملاتها، واعتبارها من العملاء وأنصار المخاليع والنخانيخ والبرانيط. وبناء عليه، وبعد أن تنتهى جماعة المرشد من الحصول على كافة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والمعارضة، ربما تتجه، لاستبدال الشعب المصرى، وتعيين أعضائها مكان الشعب، وبهذا تكتمل الصورة، ولا تكون الجماعة فى حاجة لشعب ومواطنين يصدعون دماغها. وبهذا يقدم الإخوان والرئيس مرسى واحدة من أغرب التجارب السياسية فى المجموعة الشمسية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة