رفعت المظاهرات الغوغائية، يوم الجمعة الماضى، شعارات منها: «روح يا زند قول لتهانى عبدالمجيد محمود مش راجع تانى»، جمع الشعار ثلاث شخصيات قضائية فى هتاف واحد، ذكر اسم المحترمة تهانى الجبالى يعيدك إلى أيام سيل الاتهامات الزائفة التى كالها لها الإخوان وإخوانهم، فى محاولة لإقناع الرأى العام بأنها «أم البلاء» فى المحكمة الدستورية، وقيل فى ذلك إنها تقدم النصح والاستشارات القانوينة للمجلس العسكرى، وبلغ قمة تصفية الحساب ضدها أن الجمعية التأسيسية للدستور احتشدت وكأنها تذهب إلى غزوة كبرى، ففصلت نصا خفضت فيه عدد قضاة المحكمة الدستورية لإخراج تهانى الجبالى منها، وهو ما جعل شخصية بقامة المستشار طارق البشرى يصف هذا النص بالانحراف. كانت هذه الجريمة واحدة من أكبر أدلة النية المبيتة لغربلة القضاء وتصفيته بغرض أخونته، وصدق من حذر وقتها من أن الأيام القادمة ستحمل شؤما فى هذا المجال، وحتى نعطى كل صاحب حق حقه فلنتذكر موقف المجلس العسكرى نحو قانون السلطة القضائية، ولنقارنه بما يحدث الآن من تصرف الإخوان وحزب الوسط الذى تقدم بمشروع القانون إلى مجلس الشورى.
فى أثناء فترة حكم المجلس العسكرى، وتولى المستشار حسام الغريانى رئاسة مجلس القضاء الأعلى، أسند «الغريانى» إلى المستشار أحمد مكى الذى لم يكن قد تولى وزارة العدل، مهمة تشكيل لجنة لإعداد قانون جديد للسلطة القضائية، مما أغضب نادى القضاة فشكل لجنة لإعداد نفس القانون، ودعا الطرفان القضاة إلى تقديم الاقتراحات الخاصة بذلك، وانتهى الطرفان إلى إعداد قانونين، وحدث لقاءات بين الطرفين لتوحيد وجهتى النظر للخروج بقانون واحد وهو ما حدث، وحظى القانون بجدل كبير من القضاة والقوى السياسية، ورغم انتقادات لبعض نصوصه، خاصة تلك المتعلقة بالعلاقة بين القضاة والمحامين أثناء فترة العمل، إلا أن القانون حظى بإشادة وتقدير عام.
عبر الخلاف وقتها عن روح ديمقراطية، وعكس حقيقة أن أى شأن قضائى لابد أن يكون لأهله كلمته العليا فيه، والأهم فى ذلك هو موقف المجلس العسكرى من القانون حيث رفض استخدام صلاحياته بإصداره، «تذكر أن هذا الموقف تزامن مع القول بأن الجبالى كانت مستشارة المجلس»، ليس هذا فحسب بل إن المستشار حسام الغريانى قال أمام الجمعية العمومية لنادى القضاة والتى عقدت بالإسكندرية: «لن يتم تقديم القانون إلا بموافقة القضاة من خلال معايير شفافة».
كان هذا موقفا ديمقراطيا من المجلس العسكرى لم ترق إليه جماعة الإخوان، لكن الرقى لهذا الموقف لم تصل إليه جماعة الإخوان وحزب الوسط، فكلاهما دخل فى السباق دون قراءة لما حدث فى الماضى، لم يعر حزب الوسط اهتماما يذكر برأى القضاة فتقدم بمشروع قانون السلطة القضائية إلى مجلس الشورى، نسى «الوسط» أن لعبة نظام مبارك فى التشريع، كانت تستند إلى أغلبية مزيفة فى مجلس الشعب، وهو نفس المنطق الذى يستند إليه «الحرية والعدالة» الآن فى الشورى ومعه «الوسط»، والجماعة الإسلامية. ما يحدث الآن من معركة ضد القضاء يدعوك إلى إعادة تقييم ما حدث ضد تهانى الجبالى من اتهامات زائفة، ويدعوك إلى الإشادة بموقف المجلس العسكرى الذى لم يقدم على إصدار قانون السلطة القضائية، وترك إعداده إلى أهله، عكس ما يفعل الإخوان والوسط.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة