صحوة الضمير المتأخرة مستمرة.. بعد أقل من يومين من استقالة المستشار أحمد مكى وزير العدل، تأتى الاستقالة الثانية للمستشار القانونى للرئيس محمد فؤاد جادالله ولكنها استقالة لها معنى مختلف، لأنها بمثابة الصدمة والصفعة والزلزال داخل مؤسسة الرئاسة التى لم يتبق داخلها سوى السيدة باكينام والدكتور عبدالغفور، وبالطبع «الكبير أوى» الدكتور عصام الحداد. فالرئاسة الآن «خاوية على عروشها» والاستقالة ليس لها سوى معنى واحد وهو أن الفشل والعجز يسكن جدرانها وعقول ساكنيها، وأن الرئيس لا حول له ولا قوة لا يصدر قرارا إلا بالرجوع فقط إلى مكتب الإرشاد فى المقطم ولا يستمع أو يستشير إلا لمرشده وقياداته، فالمستشار القانونى يكشف فى حيثيات الاستقالة بأنه كان « شاهدا على كل شىء ولم يشارك فيه» وفوجئ بقرارات قادمة من آخرين لا يعلمها ولكنه حذر من صدورها وخطورتها على المشهد السياسى، ومع ذلك فالرئيس يبدو أنه كان «مسير لا مخير»، منصاع للأوامر القادمة من سفح المقطم وليست التى يبديها المستشارون خاصة أقرب الناس إليه والذى هو من المفترض المستشار القانونى الشخص الأكثر أهمية وحيوية فى مرحلة انتقالية تحتاج إلى انضباط قانونى وتوازن تشريعى.
ما يذكره المستشار القانونى فى حيثيات الاستقالة صفعة خطيرة للغاية، فالرئاسة عاجزة وليس لديها رؤية للإدارة أو للحل وكل ما تفعله هو إجراءات لتمكين الأهل والعشيرة من جماعة الإخوان من مفاصل الدولة، وأن حكومة قنديل «فاشلة» والأسباب وراء التمسك بها غامضة للغاية وتثير الشبهات والشكوك، والأهم أن الهجوم على القضاء هو هدم أركان الدولة لأغراض سياسية وليس للصالح العام.
الأسباب السبعة لاستقالة جادالله هى إدانة كاملة للرئيس ولنظامه ولا تعنى إلا أنه نظام ينهار وتنهار معه الدولة بأكملها إلا إذا استجدت أمور أخرى. ولو أننا فى دولة محترمة لجاءت استقالة الرئيس بعد استقالة مستشاره القانونى مباشرة لأنها شهادة من داخل المؤسسة المتداعية والمنهارة. وهذا ما قالته المعارضة مرارا وتكرارا ووصفها الإخوان بأنها معارضة حاقدة تعرقل مسيرة العمل و«عجلة» الإنتاج وأن جبهة الإنقاذ هى جبهة الخراب.
عموما شهادة جادالله هى شهادة النهاية لهذا النظام.