لا أتفق مع هؤلاء الذين وصفوا محمد مرسى بالديكتاتور بعد القرارات المريبة والغريبة التى تحتاج إلى العرض على طبيب نفسى قبل العرض على خبراء علوم السياسة وأهلها.
وصف محمد مرسى بالديكتاتور فيه إهانة كبيرة للقب نفسه، اللقب الذى حمله رجال أقوياء مثل هتلر وموسلينى وغيرهم ممن لم يهزمهم الباعة الجائلون فى الشوارع، أو تعجزهم أزمة المرور أو تفضحهم أكوام القمامة أو ينفض من حولهم مستشاريهم باستقالات متتالية، أو تركعهم مجموعات متطرفة مسلحة.
لقب الديكتاتور أكبر من محمد مرسى لأن الديكتاتور لا يخاف ومحمد مرسى يخاف من غضب مكتب الإرشاد، لقب الديكتاتور أكبر من محمد مرسى لأن الديكتاتور يحمى رجاله ويحافظ على حياتهم، ومرسى كان أضعف من أن يحافظ على جنود مصر فى سيناء، وأقل من أن يقتص لهم رغم مرور أشهر على الوعد الذى أطلقه أمام الكاميرات.
الديكتاتور لا يفتح صدره ويفاخر الناس بأنه لا يرتدى القميص الواقى، ثم تكشف الكاميرات والصور زيف شجاعته حينما فضحت عشرات الجنود الذين يحرسونه فى بيت الله، الديكتاتور ذكى يدرس قراراته ويختار مواعيدها وشكل إعلانها، ومرسى قليل الحيلة كلما أراد أن يتخذ قرار يلجأ إلى جماعته لتحميه بحشود التأييد فى الشوارع وأمام مكتب النائب العام ودار القضاء ليفضح نفسه ويؤكد دون أن يقصد أنه مجرد واجهة للحاكم الأصلى الذى يجلس فى المقطم أو 3 شارع عباس العقاد حيث مكتب الشاطر.
الديكتاتور شجاع يتخذ قرارات واضحة وجريئة ومرسى مرتبك وتاريخه القصير يمتلئ بقرارات كثيرة اتخذها ثم تراجع عنها.. الديكتاتور أكثر شرفاً وجرأة، والأمور بالنسبة له تأخذ أشكالا سياسية واضحة بالشكل الذى يدفعه لتسمية الأشياء بمسمياتها، فهو يقول على المعارضين له عملاء وخونة وأصحاب أجندات خارجية، ومرسى ليس كذلك فهو يلف ويدور ويطعن معارضيه فى دينهم ويدفع أنصاره لاتهامهم بالكفر وعداوة المشروع الإسلامى.
محمد مرسى ليس ديكتاتورا ولا يصلح أن يكون لأن الديكتاتور يملك كاريزما ومرسى لا يعرف لها معنى، والديكتاتور حينما يخطب فهو يعرف ماذا يقول ويعرف من يهدد ومتى يتوعد، أما مرسى فإذا خطب تثاءب الناس، وإذا خرج عن مسار الخطاب المكتوب وارتجل يسقط دوما فى أفخاخ ارتجاله وقلة حيلته.
محمد مرسى منذ إعلانه الدستورى وحتى قرراته الأخيرة ورغباته فى كسر شوكة القضاء والإعلام يسعى دوما ليغلف ويحصن خطواته هذه بشعارات المطالب الثورية، وكلمات فخمة حول أنه يرى ما لا يراه الآخرون بحكم ما يمتلكه من معلومات، ولكنه لا يدرك أن ذلك ليس كافيا لكى نقبل واقعه الذى يريد تمريره أسفل بند «الرئيس لا يُسأل عما يفعل حتى تنتهى مدته الرئاسية»، كما أن لجوء مرسى للثورة وشعاراتها ليحصن بها قراراته يبدو أمرا غير مقبول بعد الفيديو الشهير الذى أقسم خلاله على أن الإخوان ليسوا دعاة ثورة وليسوا من أهلها!!
مرسى كذب وأخلف وعده لأنه طلب منا - نحن الشعب - أن نقومه ونصححه إذا أخطأ، ثم لف ودار وأخبرنا أن قرارته محصنة تارة بحكم القوانين والإعلانات الدستورية، وتارة أخرى لأنه أعلم منا جميعا بمشاكل الأمة ، ثم زاد من تحصنياته ضد النقد اللفظى وحرية الآراء بأسوار من الأنصار الإخوان الذين ينشرون بين الناس أن كل صاحب نقد للرئيس كافر وضد الإسلام. للأسف يا معالى رئيس الجمهورية أنت أضعف من أن تكون ديكتاتورا، وأكذب من أن تكون صورة للحكم الإسلامى الرشيد، وأقل حيلة من أن تضحك على الشعب المصرى، وأكثرنا حملا للذنوب.. ذنوب وعودك التى أخلفتها، أو دماء أطفال أسيوط وجنود الحدود أو ضحايا اشتباكات المقطم والاتحادية ورمسيس والكاتدرائية والقائد إبراهيم التى أهدرت حقوقها وقصاصها، وأكثرنا عشقا للألاعيب والخداع لأن الأحداث الأخيرة كشفت أنك لست سوى مبارك أجروا له عملية تجميل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة