سيناء تاريخ طويل من الدماء، وتبقى سيناء أرض الثروات ذات الموقع الإستراتيجى تحتفظ رمالها بالكثير من الأسرار كما تحتفظ بالكثير من الكنوز ودماء وعظام أصحابها ومن وقفوا بالمرصاد ودافعوا عنها حتى آخر نَفس ملاكها الأصليون، أصل كلمة سيناء اختلف عليه كثير من المؤرخين فقد ذكر بعضهم أن معناها الحجر لكثرة جبالها، وذكر البعض اسمها فى اللغة الهيروغليفية القديمة (توشريت) أى أرض الجدب والعراء، لكن المتفق عليه أن اسم سيناء أطلق على الجزء الجنوبى منها مشتق من اسم الإله سين إله القمر فى بابل القديمة، ومن خلال نقوش (سرابيط الخادم، والمغارة) يشار إليها بكلمة بياوو أى (المناجم) وفى المصادر المصرية من عصر الدولة الحديثة يشار إليها باسم (دومفكات ) أى مدرجات الفيروز، نحتفل فى شهر إبريل من كل عام بعيد رجوع الأرض وعودتها لحضن العلم المصرى ولأن آفة حارتنا النسيان لم تنته المعركة بعض لم تعلن الحرب عن آخر ضحاياها.. فى 5 أغسطس 2012 أعلنت سيناء عن ضحاياها الـ16 إعلانا مفاجئا غامضا فى وقت مفجع ومفاجئ، ما حكاية الموت الجمعى مع أرض سيناء منذ عام 2000 قٌتل أكثر من 28 جنديا وضابطا على الحدود مرة مع الاعتذار، ومرة بعد الثورة مباشرة أثناء مسرحية (هاتوا السفير رجعوا السفير) وآخر القصيدة كفر كما يقولون لأن ما حدث كُفر، كفر بكل شىء، حتى المسرحية العبثية التى حدثت فى الجنازة وعدم حضور الرئيس تحت شعار الحى أبقى من الميت، ودواعٍ أمنية، وأصل اللى ماتوا مش ولاد ناس معروفة ولا يستدعى مظاهرات ولا إثارة للإتيان بحقوقهم قدرهم كده، الإحساس معدوم. يجب المقارنة هنا بشىء مهين للغاية لا يقلل من شأن جنودنا ولكن إهانة وتحقير للجانى وإثارة للقارئ وسؤال لبرود الأعصاب والصمت والتعتيم والانشغال بالكوميديا السوداء، التى نعيشها يوما بعد يوما، ليه كده؟ إذا زرت أحد شوارع أوربا أو أى دولة من الدول التى تهتم بحقوق الإنسان والحيوان معاً، وكنت محظوظاً لحضور مظاهرة طويلة عريضة وقابلت أفراداً من أعضاء جماعات الرفق بالحيوان ومنظمات حقوق الحيون ومندوبين من الأمم المتحدة وجمعيات أهلية وصحف عالمية مرموقة لماذا؟ لمجرد مختل اعتدى على كلب يملكه أو قتله لمروره بنوبة اكتئاب، فما بالنا بـ16 مقبرة جماعية لجنود مصريين أبيدوا فى مجزرة غدر فى يوم واحد فى دقائق طحنت حناجرهم وفجرت رؤوسهم بأيادٍ يعرف القاصى والدانى من مولها ومن يقف وراءها، لكن وحده من يعتقد أنه صاحب القرار ويراهن على ذاكرة النسيان يحتكر الصمت ويستنجد بمرور الوقت، ويراهن على أن آفة أوطاننا النسيان. (إلا الدم)، أعداؤنا نعرفهم بالاسم، والاحتلال مازال موجودا لأن النتيجة واحدة أبرياء ومقابر جماعية، العملية نعم كانت محبوكة ومنظمة يديرها رجال تسللوا إلى مقاعد صنع القرار، جواسيس وأموال وزعامات سياسية ورؤوس تفكر وتخطط وعصابات تقتل وإرهاب يُوظف لحساب آخرين، ولكن الحكاية أكبر مما يتصور الذين خططوا لها ويتكتمون سراً على فضائحهم وعارهم، المواجهة قادمة قادمة لا محالة ولكن ليست بصدد الأرض الآن بشأن دين وكرامة ومستقبل بقاء أو عدم بقاء أمة لها بصمة عريضة فى التاريخ نقف فى يوم تحرير سيناء حدادا وحزنا على كل شهيد روت دماؤه أرض سيناء ونقرأ لهم جميعاً الفاتحة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة