قال الدكتور محمد مرسى فى إحدى خطبه العصماء، إنه لم يسمح لأحد بأن يلعب بإصبعه داخل مصر، وبصرف النظر عن مدى توفيقه فى مسألة «اللعب بالصوباع»، ومدى بلاغته فى وصف أماكن هذا اللعب، فإنى لا أملك حق الاعتراض على ما قاله من حيث المبدأ، لأنى لا أتخيل أن هناك مصريا يسمح بالعبث بأمننا القومى لصالح أى دولة أخرى، أما من حيث التطبيق، فلنا ألف ملاحظة أو يزيد على سياسة الدكتور مرسى، ومدى التزامه هو بالسماح بـ«اللعب» أو منعه.
لديك نموذج صارخ على سياسة الدكتور مرسى فى هذا الشأن، وهو علاقته الوليدة مع إيران، والتى يسمح فيها بأن تمد إيران يدها بأكلمها وليس إصبعها فحسب فى عمق الداخل المصرى، وقبل أن نتأمل فى تلك العلاقة الوليدة، علينا أن نضع أسسا أراها مهمة فى مسألة علاقات مصر الخارجية، ويتلخص الأمر من وجهة نظرى فى هذا الشأن فى أن المعيار الأول الذى يحكم علاقات مصر بالخارج، يجب أن يكون نابعا من المصلحة العليا للوطن، لذا أعتقد أنه يجب على السادة أصحاب القرار السياسى فى مصر، أن يدرسوا هذا الملف جيدا، وألا يبنوا علاقات مصر الخارجية بناء على ارتباطاتهم الحزبية أو الطائفية، ولست منزعجا أبدا من فزاعة «نشر التشيع» فى مصر، لأنى أعلم تمام العلم أن هوية مصر الراسخة لن تتغير بقدوم سائح إيرانى أو طبع كتاب شيعى، فمعروف أن كتب ومواقع الشيعة متاحة على الإنترنت بكثافة، كما أننى لا أرى منطقا فى أن نستبعد السياحة الإيرانية لمجرد أنهم «شيعة».. فى حين أننا نستقبل سائحين من كل الجنسيات والأعراق والأديان الأخرى، لكن هل يعنى هذا أننى أرى أن سياسة «مرسى» تجاه إيران صحيحة مائة فى المائة؟ بالطبع لا.
أستطيع أن أرى أن سريان العلاقة بين مصر وإيران «متهور»، ولا أفهم كيف ينظر «مرسى» إلى هذا الأمر، فمن ناحية يعلن أنه مع الثورة السورية وضد مناصرى نظام الأسد، ومن ناحية أخرى يفتخر بعلاقته مع إيران، وزياراته المتبادلة مع رأس الحكم فى طهران، وهو النصير الأول لنظام الأسد، وهو ما يضعنا فى شك كبير تجاه خطاب مرسى وسياساته وتحركاته، ومن ناحية أخرى، فإنى أرى أن الضغط على الملف الإيرانى «الآن» يزيد من تعقد سياسات مصر الداخلية والخارجية، فبرغم اختلافى مع سلفيى مصر، فإنى لا أستطيع أن أحذفهم من المعادلة السياسية والاجتماعية، ومن العبث أن أشترى إيران وأبيع السلفيين المصريين، ومعروف عنهم عداؤهم الشديد لكل ما هو «إيرانى»، كما أننى لا أرى «مصلحة وطنية» كبيرة فى أن «أبيع» معظم دول الخليج فى مقابل التودد لإيران، وهو ما قد ينهى تلك البقية الباقية من دور مصر الإقليمى فى العالم العربى، ويحول مصر من «زعيمة» و«شقيقة كبرى» إلى «خصم».
إلى هذا فإننى «أعادى» وبكل قوة أن يكون مهر العلاقة المصرية الإيرانية هو تدخلهم فى شؤوننا الداخلية، وإعلان وصايتهم على مساجدنا وأضرحتنا وآثارنا، بحجة أنها لآل بيت رسول الله، وأن الإيرانيين أولى بها منا، ولنا فى هذا الشأن مثال سيئ، فقد سمحنا لطائفة «البهرة» بأن ترمم وتدير مسجد الحاكم بأمر الله، حتى ظنوا أنهم مالكوه، وإن كنا سنسمح بأن تضع إيران يدها على مساجد آل البيت، لأنها الدولة الشيعية، فلا عجب إن رأيت إسرائيل تطالب بوضع يدها على جبل موسى لأنها «الدولة اليهودية»، ولا عجب أيضا إن رأيت روما أو أثينا تريد أن تضع يدها على الإسكندرية لما بها من آثار يونانية ورومانية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة