عندما يصاب 500 طالب أو أكثر بالتسمم بالمدينة الجامعية للأزهر نحن أمام شروع فى قتل، يجب أن يقدم الفاعل للمحاكمة، وألا يتوقف الأمر عند بعض صغار الموظفين، ولا يمكن إعفاء رئيس جامعة الأزهر من المسؤولية عن الجريمة، سبق أن وقعت حوادث تسمم سابقة لطلاب وطالبات المدينة، ولم يتم حساب المتسببين، وهو ما شجعهم على تكرار الفعل. ونتوقع أن يقوم شيخ الأزهر بإجراءات حاسمة تجاه هذه الجريمة. من دون أى تستر، وأن نعرف من يقف وراءها. وقد خرج طلاب الأزهر فى مظاهرات منذ وقوع الجريمة، وقطعوا الطريق فى مدينة نصر بسبب غياب الطبيب، وتأخر الإسعاف، ثم عادوا واقتحموا مشيخة الأزهر مطالبين بالكشف عن من سمموا زملائهم، وتسبب قطع الطريق فى تأخر الإسعاف، وشلل مرورى، وقال الطلاب إنهم اضطروا لقطع الطرقات بسبب عدم الاهتمام بتسمم زملائهم، وتأخر وصول سيارات الإسعاف.
شهادات الطلاب والاتحاد تشير إلى حوادث تسمم سابقة، لم يتم التحقيق فيها، فضلا عن أنه تم تحسين الطعام لفترة، وعاد ليسوء بشكل كبير وبالرغم من شكاواهم لم يتم الاستجابة لمطالبهم، بما يعنى وجود فساد وليس فقط إهمال فى قضية التغذية.
البعض تجاوز فكرة الجريمة وذهب للمؤامرة، وفسر الأمر على أنه مقصود ضمن حملة على شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ومن الصعب الاتفاق مع هذا الأمر لمن يعرفون حجم الفساد والإهمال فى المدن الجامعية، ولا يمكن تصور أن يكون طلاب الأزهر موضوعا لتصفية حسابات أو نسج مؤامرات. وهذا لا يعنى تجاهل مسؤولية رئيس الجامعة، والإمام الأكبر عن وصول الإهمال والفساد لهذه الدرجة. خاصة أن الطلاب يقولون إنهم اشتكوا أكثر من مرة لرئيس الجامعة والدكتور الطيب من سوء أحوال الطعام فى المدينة الجامعية ولم يتلقوا ردا، وهناك سوابق لطعام فاسد لم يتم التحقيق فيها.
صحيح أن الإمام الأكبر مسؤول عن الجامع والجامعة والكثير من الأمور الحياتية والدينية، لكنه المسؤول الأول عن اختيار مسؤولين أمناء وأن يستبعد الفاسدين والمهملين أولا بأول، والأزهر كمؤسسة فى حاجة إلى تطوير وتطهير، مثل الكثير من المؤسسات. مع العلم أن المدينة الجامعية للأزهر، هى واحدة من مدن جامعية كثيرة تعانى الإهمال والفساد، ويعانى طلابها من الطعام السيئ وسيطرة وتحكم المشرفين والقائمين على شؤونها. وبالتالى فهى تحتاج إلى وقفة حكومية شاملة تمتد إلى عالم المدن الجامعية الغامض والملىء بالإهمال والفساد. وبدلا من الاكتفاء بنظريات مؤامرة، على الحكومة والأزهر الاعتراف بأن الفساد هو أكبر مؤامرة على البلاد من كل الجهات، ولهذا تتكرر الكوارث والحوادث ويبقى الفاعل مجهولا.
والحل الوحيد لتهدئة الطلاب أن تصل التحقيقات إلى الفاعل الأصلى وليس مجرد كباش فداء، وهو أمر يفترض أن تفعله تحقيقات النيابة، وأيضا يجب أن يتخذ شيخ الأزهر قرارات فورية بالتحقيق داخل الجامعة ليعرف مسؤولية رئيس الجامعة ونوابه والمشرفين على المدن الجامعية لعلها تكون فرصة للقبض على الفساد متلبسا بالقتل.