أكثر كلمات تسمعها هذه الأيام كلمة «الثورة المضادة»، وإعادة النظام السابق والفلول، تسمعها من قيادات جماعة الإخوان ومشتملاتها من إرشاد، وحرية وعدالة، وجمعية، وجبهة ضمير، ممن عينوا أنفسهم «وكلاء وحيدين للثورة». وهى ظاهرة بدأت مبكرا، منذ سقطت الحواجز وتاهت الحقيقة فى الزحام، وانقلب بعض حلفاء النظام السابق وارتدوا ملابس الثورة، وكلما كان الواحد منهم متورطا مع النظام السابق، كان أعلى صوتا فى الحديث عن الثورة والشهداء، يلعبون دور الترزى على طريقة الحزب الوطنى، ويدافعون عن الاستبداد والتلفيق والتلاعب تحت ملابس الثورة، ومع هذا لاتمر دقيقة حتى يخرج لنا واحد من «وكلاء الثورة الجدد» ليتحفنا باتهام للمعارضين بأنهم ثورة مضادة. لدرجة أن كبار المعارضين السابقين الحاليين من حلفائهم، أصبحوا فلولا لأنهم يعارضون حكومة ونظاما لايختلفان عن النظام السابق، ربما أكثر فشلا وتسلطا.
وتقوم جبهة الضمير بتقديم خلطة «معارضة المعارضة»، لأنها تجمع قيادات الجماعة مع حزب الوسط، الذين يلعبون معا لعبة التشريع والسلطة نهارا، ومعارضة المعارضة مساء.
وظاهرة معارضة المعارضة هى اختراع حزب وطنى سابق، بكل جدارة، فقد كان الحزب الوطنى يربى أحزاب معارضة على السطح، ويطلقونها لتأييد القرارات الرئاسية والقوانين، وللتعديلات الحزب وطنية، وهو نفس مانراه الآن من جبهة الخلطة السرية التى تتفوق على ضمير خلطة «كنتاكى». فحزب الوسط يقدم قانون السلطة القضائية، والجماعة تهاجم القضاة، وتتهمهم بالتواطؤ والفساد، وتدعم مشروع الوسط. ويلتقى الرئيس بقيادات القضاء، ويعد بمؤتمر للعدالة لبحث القضية، وعرض المشروع على مجلس القضاء الأعلى، فيخرج الوسط ليقول «لن نسحب مشروعنا»، ومجلس الشورى سيد قراره وتشريعه، وينسون أن مجلسهم للشورى، أغلبه من المعينين ومنتخبيه بأقل من %6 من الشعب وتم انتخابه فى الزحمة. وأصبحنا نسمع ونقرأ، نشم كتابات وتصريحات للسادة «وكلاء الضمير»، يتهمون من يختلف معهم بأنه فلول، مع أنهم وبعضهم كانوا مع النظام السابق، وأصدقاء لأجهزة الأمن يلعبون لعبة السلطة والمعارضة والأمن، وبعضهم لم يذكر له أى نوع من المعارضة لمبارك، لأنه قضى عمره فى الخليج وعاد بالصدفة أثناء الثورة، ليعين نفسه متحدثا باسم الشهداء، ووكيلا حصريا لدمائهم، وهو فى الواقع لايعرف عن الشهداء شيئا، بعضهم اتنطط بين التنظيمات.. كان ضد البرادعى، ثم متحدثا باسم جبهته، عابرا للتنظيمات التليفزيونية والائتلافات، ثم تفرغوا لمعارضة المعارضة.
يتحدثون باسم الثورة، ويتصرفون كل تصرفات النظام السابق، ويتجبرون مثله، ويمارسون فساده، ودفاعه عن الباطل واحتكاره، وإذا ضبطتهم متلبسين يصرخون «فلول». بينما هم الفلول، وكأننا أمام الفنان توفيق الدقن، الذى قال «لما كل الحارة هتشتغل فتوات مين اللى هينضرب».
وإذا كان كل هؤلاء ثوريين.. مين اللى هيلعب ثورة مضادة؟!.