الفزع أصاب الناس فور انتشار خبر حريق محكمة جنوب القاهرة التاريخية، والتى تضم جزءا كبيرا من التاريخ القضائى المصرى، كما تضم ملفات وأحراز عدد من أخطر القضايا، فى مقدمتها قضايا قتل المتظاهرين وموقعة الجمل وأحداث التحرير وحرق اتحاد الكرة واشتباكات الألتراس.
فور تداول خبر الحريق، انشغل كثيرون بتوجيه أصابع الاتهام لفك شفرة الحادث، الذى يبدو مقصودا، الفاعل يريد تدمير ملفات معينة وأدلة محددة بأى ثمن، وهو ما عبر عنه المستشار هانى عباس رئيس المحكمة المحترقة بقوله «اللى كان عايز يضيع تاريخ قضية، ضيع معاه تاريخ القضاء كله».
الاتهامات توزعت بين جهتين، فئة من الناس اتهمت الفلول باعتبارهم المستفيدين من احتراق الملفات المتعلقة بقضايا الثورة، لكن الأغلبية اتهمت الإخوان وخلاياها النائمة والنشطة بتدبير وتنفيذ الحادث، ومبررهم فى ذلك أن الفلول ليسوا بحاجة إلى حرق ملفات قضايا نجحوا فى الحصول على البراءة فيها، وأن من ترتعد فرائصهم حقا الآن، بحسب تعليقات القراء على الأخبار، هم الإخوان أنفسهم، خاصة، مع تزايد الخيوط والاتهامات الموجهة إليهم بالضلوع فى ارتكاب اقتحامات السجون وإحراق أقسام الشرطة وما خفى كان أعظم.
وبصرف النظر عما يتداوله الناس ونشطاء مواقع التواصل من اتهامات مرسلة، نحن أمام حالة عامة من الإهمال والتسيب والانفلات السياسى والإدارى والأمنى غير مسبوقة، ولا يمكن أن نرى حريق محكمة جنوب القاهرة بعيدا عن هذا الحريق الأكبر الذى يسرى بسرعة وقوة فى أطراف البلد وفى مراكزه الأساسية، دون أن يحرك المسؤولون ساكنا، بل يساعدون فى إذكائه بسكب البنزين عليه.
البلد كله يحترق، العنف أصبح دين الناس، جرائم خطف الأطفال والكبار من أجل فدية مالية أصبحت خبزا يوميا، المجرمون يردمون النيل ليبنوا المساكن الحرام، السلاح فى كل يد وبيت تقريبا، السرقة بالإكراه فى شوارعنا، الغلاء يكوى بطون الأغلبية الفقيرة والمحرومون صاروا أكثر حرمانا، تجارة الأعضاء تدار على المقاهى، والمرضى لا يجدون العلاج، بينما المسؤولون مشغولون بتفصيل القوانين سيئة السمعة من طراز قانون الشعارات الدينية، وتسول القروض من الخارج.
أيها السادة الحريق الأكبر لم ينطفئ بإخماد النار المشتعلة فى محكمة جنوب القاهرة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة