لا حديث يسيطر على شخصين اجتمعا معا فى أى قرية من قرى محافظات جنوب الصعيد أو البحيرة وكفر الشيخ، أو مرسى مطروح وسيناء بشقيها الشمالى والجنوبى، إلا عن صفقات السلاح، وكم هذه التجارة أصبحت رائجة ومربحة، بسبب تكالب جماعة الإخوان المسلمين على الشراء.
الأمر أصبح مثل الحواديت والأساطير، يرويها مواطنو كل قرية بطريقة خاصة، فمواطنو كفر الشيخ فى حالة انزعاج، لما يتردد بأن الإخوان بدأوا فى شراء كميات ضخمة من الأسلحة بكافة أنواعها، وخزنوها فى عدد من القرى البعيدة عن العيون، مستغلين أمرين، الأول أن محافظ كفر الشيخ سعد الحسينى، قيادى بارز فى صفوف الجماعة، ومن ثم فإنه الحارس الأمين على هذه المخازن، أما الأمر الثانى فإن منافذ تهريب السلاح من الخارج والداخل لمحافظة كفر الشيخ متعددة، وآمنة، برا وبحرا.
ومن كفر الشيخ إلى قرى ومدن محافظة البحيرة، تجد نفس السيناريو، الحديث المسيطر على الأهالى تجارة السلاح، وأن السوق شحيحة ولا توجد قطعة جديدة أو قديمة أو حتى متهالكة، إلا ووصل سعرها أرقاما مفزعة، لأن جماعة الإخوان يطلبون كميات كبيرة، ودون تحديد سقف للمقابل المادى، لذلك قفزت أسعار مسدسات الخرطوش على سبيل المثال من 400 جنيه قبل الثورة، إلى 6 آلاف جنيه حاليا، كما ارتفع سعر بندقية الخرطوش إلى 14 ألفا، فى الوقت الذى اختفت فيه تماما «المسدسات» بكل أنواعها، ووصلت لأسعار فاقت الخيال.
أما عن البنادق الآلية والرشاشات فحدث ولا حرج، فدخل البلاد أنواع جديدة من السلاح، لم يسمع عنها المواطن المصرى قبل الثورة، ومن المعروف أن سوق السلاح فى مصر قبل الثورة كان لا يعرف إلا أنواعا من عينة السلاح الآلى الروسى، والرشاشات البلجيكى، والمسدسات الإنجليزى والبلجيكى والمجرى، أما بعد الثورة فظهرت أنواع جديدة من السلاح الصينى والشيشانى والكورى والعراقى، والفرنسى والإيطالى، والتركى، وكل نوع من هذه الأنواع له سعره، وانتشر فى عرض البلاد وطولها، وجميعها مهربة من ليبيا، أما عن سعر طلقات السلاح فحدث ولا حرج، يكفى أن سعر طلقة المسدس 9 ميليمترات وصل 30 جنيها، وغير موجودة فى الأسواق.
وإذا اتجهت جنوبا فى صعيد مصر وشرقا فى سيناء وغربا فى مرسى مطروح، فإنك دخلت بأقدامك ترسانات أسلحة مرعبة ومخيفة، والتأكيد أيضا أن جماعة الإخوان والعائلات والقبائل تستأثر بالنصيب الأعظم من هذه الأسلحة، والتى لم تشهد مثلها مصر عبر تاريخها، وفى ظل غياب الدولة، وتفرغ وزارة الداخلية لحماية مقرات الإخوان.
المرعب أن العامل المشترك المسيطر فى المحافظات، هو أن جماعة الإخوان المسلمين يبحثون عن السلاح فى كل مكان لشرائه وبكل أنواعه من مسدس الصوت حتى الرشاشات الجيرينوف، ويخزنونه، وكأنهم يستعدون لمعركة كبرى أو مصيرية، وهو أمر غريب، وفريد من نوعه، فكيف لجماعة تسيطر على سدة الحكم، تقتنى أسلحة مجرمة قانونا، وكأنها تضفى الشرعية على اقتناء الأسلحة غير المرخصة، وهى سنة سنتها الجماعة، يمكن أن تجلب الوبال على البلاد فى حالة إذا ما حذا معارضوها نفس حذوها، وعملوا بنفس سنتها.
مصر الآن تعيش حالة تقنين وشرعنة كل ما يجرمه القانون، وهنا مكمن الخطر الحقيقى، أن تضرب بالقانون عرض الحائط، وتضفى الشرعية على كل ما يخالف القانون، وإذا كان الجالسون على مقاعد السلطة لا يحترمون القانون، فلا يمكن لهم أن يطالبوا المواطنين العاديين باحترامه.
ربما الزج باسم الإخوان هو من صنع تجار الأسلحة، لتحويل «الجماعة» إلى أسطورة خارقة أعضاؤها يأتون أفعالا خرافية تفوق قدرات البشر، فى محاولة لبث الرعب فى نفوس المواطنين إمعانا فى زيادة الإقبال على سلعتهم لحماية أنفسهم، وأن الإخوان أبرياء من شراء السلاح وتخزينه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة