كالعادة وكما هو متوقع، اشتعل حريق طائفى فى الخصوص بالقليوبية، وكانت كل الأطراف تتفرج، أو تنشغل بأشياء أخرى، وبعد الحرائق يكتفون بالحديث عن النسيج الواحد، الذى تمزق.
قبل أن نكمل الجملة عن الأخطار الداخلية التى تفوق أخطاراً افتراضية عن التشيع، كان الواقع يقدم لنا دليلاً على أن الخطر والنار بين أيدينا، ولا نحتاج لاستيراد معارك من الخارج.
لدينا ما يكفى من حرائق وأمراض طائفية تغنينا عن بحث أخطار محتملة تعشش فى عقول فارغة، قلنا إن من اخترعوا أزمة خطر التشيع تجاهلوا أزمات عرقية وطائفية يمكنها أن تحرقنا لو تهاونا معها، خطر فى التطرف وفقدان العقل الذى أشعل نار العنف الطائفى فى الخصوص بالقليوبية يتجاوز أسبابا معلنة لا تكفى لكل هذا الدم، وتكشف عن مخزون من الغل والكراهية أيقظه حادث يمكن أن يكون عابراً.
ما جرى هو أن أطفالا رسموا رسوماً على معهد أزهرى تحولت لشرارة سقط على أثرها قتيل مسلم وخرج السلاح من كل ركن وسقط قتلى أغلبيتهم مسيحيون، لم يتدخل أحد لمنع الحريق، وانتهى الأمر بقتلى وجرحى أغلبيتهم من المسيحيين.
الحكومة كالعادة بدت مستمرة فى برامجها الغامضة، ولم تجد سبباً يدعوها لاتخاذ موقف، ولم يفكر رئيس الوزراء فى زيارة ميدانية للمكان، واكتفى بالفرجة على الأمر، وزارة الداخلية لم تجد سبباً للدفع بالمزيد من الجنود، قبل أن تتفاقم الأمور.
ومثل الحكومة فإن مجلس الشورى الميمون، والذى حصل على مهام التشريع والرقابة، لم ينفعل وسار فى طريقه نحو سلق القوانين، متجاهلاً طائفية تكبر بفضل متعصبين لا يجدون من يواجههم، المجلس لم يتحرك، ولا نظنه يتحرك، وأكثر ما سيفعله تشكيل لجنة تقصى حقائق، بعد فوات الأوان، لن تتقصى شيئاً. طبعا التيارات السلفية كانت مشغولة بالبحث عن خطر التشيع غير الموجود، متجاهلين خطر الطائفية المتوافر والمتاح بكل الأنواع، وكثفوا سعيهم الحثيث لمنع السياح الإيرانيين، الذين يأتون ويرحلون، ولم يشغلهم التحسب لأخطار تحيط بهم، وطائفية هم أنفسهم يغذونها بأكثر من طريقة،، ويرى بعض السادة زعماء الحملات الإعلانية ضد التشيع أن مهاجمة منزل القائم بالأعمال الإيرانى أهم لديهم من البحث عن طرق لامتصاص الشحن الطائفى من قبل بعض المتطرفين، ويرون أن الإيرانى فى طهران أخطر على البلاد من المتعصب فى الخصوص.
جماعة الإخوان بدورها مشغولة بتقفيل قانون انتخابات النواب، ورفع الحظر على الدعاية الدينية التى تصنع طائفية محتملة.
وطبعاً من الصعب أن نسأل عن موقف الرئاسة والرئيس، حتى لا يتهمنا أحد بإزعاج الرئيس، الرئاسة مهمومة بتنظيم رحلات خارجية للرئيس لتقوية العلاقات الخارجية، والرئيس يجد وقتا لبحث الخلافات مع السودان وتنقية الأجواء حول حلايب وشلاتين، ويقدم وعودا ملتبسة، ولا يجد وقتا لمناقشة الخلافات مع المصريين، ويكتفى ببيان، بعد فوات الأوان.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة