فى الستينيات غنى حليم من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل «يا أهلا بالمعارك.. يا بخت مين يشارك.. بنارها نستبارك.. ونطلع منصورين» وكأننى ونحن فى العقد الثانى من الألفية الثالثة أريد أن أردد ذات الكلمات، ولكن بمعنى مختلف تماماً عما قصده كاتبها المبدع.
مصر تبدو وكأنها ساحة كبيرة جداً لعركة متواصلة كل واحد يشمر إيده شوية وينزل يلوش وبعدين يمشى يريح ويمكن يرجع أو ما يرجعش لساحة الخناقة حسب الظروف الخاصة به أو بغيره.
والأسبوع الماضى كان أبطال تشمير الذراعين الريان وأبوإسماعيل فى عركة اقتصادية وسياسية.
أما الأول فهو أحمد الريان الرجل الأشهر فى عالم توظيف الأموال والنصب على العباد بقال الله وقال الرسول، وهاتوا الفلوس كما حكمت عليه المحاكم، والرجل يعيش منذ فترة خارج البلاد بعد أن لم فلوس العباد وها هو يظهر ثانية على الساحة محذراً زملاء مهنته رجال الأعمال من الحالة الاقتصادية المصرية، ومطالبا إياهم أن يخرجوا بفلوسهم أو على الأقل نصفها خارج البلاد قبل أن يفقدوا كل رؤوس أموالهم!
أما الوضع الاقتصادى فهو كما نعرف جميعاً فى حالة مزرية، وأما رؤوس الأموال التى خرجت من مصر منذ الثورة فهى مليارات، وأما الفساد الاقتصادى والتشريعى فقد تعدى الرُكب بكثير، ولكن يبقى السؤال ما الذى يدفع السيد أحمد الريان الذى نعرف جميعاً حكايته وحكاية اقتصاده الإسلامى لأن يدخل فى عركة مصر الآن وهو يعيش منعما أو غير منعم فى بلاد الفرنجة، هل مصر ورجال أعمالها ناقصين تشميرة إيد السيد أحمد الريان؟ وهل حكم الإخوان مقصر فى تخويفهم وهروب كثير منهم؟ الإجابة أظن لا، إذاً السيد أحمد الريان يعمل بمبدأ يا أهلا بالمعارك.. يا بخت مين يشارك!
حازم صلاح أبوإسماعيل وما أدراك ما حازم صلاح أبوإسماعيل رجل المعارك الأول فى مصر بل ربما يكون الأعلى قدرة فى المنطقة العربية على إثارة المعارك فهو شخص مشمر الأكمام دائماً ومستعد لأى عركة وأن ينتهى كثير من معاركه بسبب ضياع شاحن الموبايل أو مرض يلم به إلى لا شىء أو مصيبة.
لا أحد يغفل عن القضية الفلسطينية على مدى تاريخها، كما أن لا أحد يغفل حالة سيناء الملتبسة المتلبَسة بالجماعات الجهادية المتأسلمة والتى تجعل منها ساحة حرب مصغرة والكلام على المخططات التى تجرى بليل لنزعها من مصر أو لتكون إمارة إسلامية أو لكى تنتهى بها المأساة الفلسطينية بضم غزة لها.. عشرات من التفسيرات التى لا تجد من ينفيها أو يؤكدها ولكنها تظل اتهامات على رقاب الإخوان وحماس والجهاديين وإسرائيل وأمريكا وخناقة وضرب تحت الحزام وأعلاه.
ورغم كل ذلك يخرج علينا السيد حازم أبوإسماعيل مشمراً أكمامه لضرب كرسى فى الكلوب تماماً كما كان يفعل سالف الذكر القذافى ويجلس أمام الكاميرات ليفضح أكثر وأكثر ما كنا نشك فيه، فقد ظهر على أحد البرامج وبهدوئه المثير يقول إنه يملك الحل للمشكلة الفلسطينية بأن تضم مصر قطاع غزة لها وتنهى مأساة شعب مسلم، ويطالب الأردن بأن تفعل نفس الشىء بالنسبة للضفة، وتحدث الرجل عن الأمر كما بدا وكأن الأمر من بنات أفكاره ومن مظاهر حكمته فها هو يشمر أكمامه ويدخل فى المعركة ليؤكد أن المؤامرة التى يتحدث عنها البعض ليست أضغاث أحلام، فيلتهب الإحساس بالمؤامرة أكثر وأكثر وتزيد المعارك أكثر وأكثر، كعادته يفجر أبوإسماعيل القنبلة والخناقة ويختفى فى الذرة حتى حين.
معارك مصر خلقة ربنا كتير مش ناقصة حد، أى حد يشمر أكمامه ويغنى لنا وعلينا يا أهلاً بالمعارك يا بخت مين يشارك!