هل تحتاج القدس إلى مليونية من جماعة الإخوان الحاكمة الآن؟ وما أهداف هذه المليونية إذا كان الداعون إليها هم الحكام ومن بأيديهم زمام الحكم؟ إذا كان الغرض هو شحذ الهمم وتحريض الناس على الزحف «المقدس» الذى بشر به الإخوان –قبل القفز على السلطة طبعاً- وتغنى به أحد أتباعهم وهو الشيخ صفوت حجازى فى مؤتمر شعبى بحضور المرشد وقيادات الجماعة والرئيس مرسى بنفسه فى إحدى الحملات الرئاسية، وتغنى كل من بالمؤتمر من الآلاف المؤلفة وتعالت أصواتهم خلف حجازى: «شهداء رايحيين.. على القدس بالملايين». لا شىء الآن يمنعهم عن الزحف –إذا أرادوا- لتحرير القدس، فلن يمنعهم أحد، أو يعترض طريقهم إلا إذا كانت السلطة لها متطلباتها وضروراتها فى التعاون والتنسيق ورسائل الود المتبادلة. وبالتالى تصبح مليونية النصرة نوعا من أنواع الخديعة والكذب السياسى. فالإخوان فى عهد مبارك خرجوا فى مسيرات وصدعونا بالتصريحات التى تطالب الرئيس السابق بفتح باب الجهاد وإعلان الحرب ضد إسرائيل لتحرير القدس وفلسطين من براثن «العدو الصهيونى» ومن أيدى «أحفاد القردة والخنازير» كما كانوا يعتبرون الصهاينة قبل الوصول إلى عرش الحكم فى مصر.
ماذا ينقص الجماعة وأنصارها من نصرة القدس إذن؟ التيارات الليبرالية واليسارية هى العائق؟ فالرئيس ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين وكان قبل الرئاسة أحد الصقور المطالبة بتحرير القدس والزحف المقدس وفتح باب الجهاد والكفاح من أجل «فلسطين الإسلامية»، والجماعة تتحرك فى مسيرات ومظاهرات ولديها ما قد يكفى من وسائل لتهديد إسرائيل بالكف عن انتهاك حرمة المسجد الأقصى وتهويد المدينة. فنحن فى انتظار الزحف الآن، فمبارك الآن فى السجن ولن يمنعهم والطريق مفتوح وغزة لن تمانع أيضاً فى ظل وجود الشيخ القرضاوى الذى يزور فلسطين لأول مرة منذ الخمسينيات والذى ألهب حماس الفلسطينين بالحديث عن القدس رغم الهدنة التى وقعتها «حماس» برعاية الرئيس مرسى نفسه ولم تطلق رصاصة واحدة -منذ توقيعها- على إسرائيل.
الجماعة لم تتخلص من حالة «الشيزوفرينيا» -انفصام الشخصية- التى تعانى منها منذ الوصول للسلطة، فهى قابضة على السلطة وتريد أن تلعب «دور المعارضة»، وعلاقاتها مع الكيان الصهيونى جيدة -بل أكثر من رائعة حسب تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلى- وتطالب بلميونية لتحرير القدس.