دقت طبول الحرب من جماعة الإخوان وإخوانها ضد حركة تمرد، بعد إعلان الحركة يوم الأحد الماضى جمع 2 مليون و29 ألفا و592 استمارة لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسى وإجراء انتخابات مبكرة.
الحصيلة جاءت من محافظات مصر المختلفة، ووقود الحركة شبابا يجوبون القرى والمدن والجامعات، عدد التوقيعات جاء فى عشرة أيام فقط.
رد فعل الإخوان وإخوانهم أقرب إلى تشبيه ما حدث بأنه «لعب عيال»، قالت الجماعة «حملة تمرد محاولة يائسة وتؤدى بالبلاد إلى العبث»، وقال حزب الحرية والعدالة: «ما تفعله تمرد لسحب الثقة مراهقة وعدم نضوج»، وقالت الجماعة الإسلامية: «توقيعات تمر خارجة عن القانون وتستوجب المحاسبة».
آراء تذكرك بما كان يقوله النظام السابق عن حملة التوقيعات التى انتشرت أثناء شهوره الأخيرة، وشملت مطالب عدة منها تفويضات لرموز سياسية بالعمل من أجل دستور جديد، وتفويضات بالترشح لرئاسة الجمهورية، وكان أكثر هذه التفويضات للدكتور محمد البرادعى والمفارقة أن جماعة الإخوان لعبت دورا رئيسيا فيها.
تعامل النظام السابق مع هذا النوع من الحراك على أنه «هزل»، وضد القانون والدستور، ويعبر عن فلس سياسى للمعارضة التى تعجز عن التواصل مع الشارع، ومن يعيد قراءة هذه الاتهامات من النظام السابق، سيجدها متطابقة مع الاتهامات من النظام الحالى.
فى التوقيعات أثناء نظام مبارك، لم يقرأ رجال النظام أنها تعبير عن حراك سياسى، شمل وقتها مظاهرات احتجاجية فئوية وسياسية، وتولدت حركات أبرزها «كفاية» أحدثت نقلة نوعية فى الاحتجاج ضد النظام بالتظاهر فى الشارع، ودخل القضاة على الخط، كان المشهد يؤكد غضبة شعبية عامة تتسارع خطاها، ولم تحسن الأحزاب الرسمية قراءتها جيدا، واعتبرها نظام مبارك تنفيسا محسوبا لن يخرج عما يريده، وفى نفس الوقت كانت المراكز البحثية العالمية، ودوائر صنع القرار فى الخارج يشغلها سؤال: «ماذا سيسفر عنه هذا الحراك؟، هل سيستطيع نظام مبارك الصمود أمامه؟». كانت هذه الأسئلة مطروحة، والإجابات عليها لا تبشر بثورة، أكثر الطموحات كانت تتحدث عن إصلاحات من داخل النظام، لكن القول بالتغيير الجذرى كان غائبا، حتى جاءت ثورة 25 يناير لتفاجئ الجميع.
فى الطريق إلى الثورة، كانت أساليب الاحتجاجات، وأساليب التوقيعات، وجميعها كانت بمثابة التراكم فى طريق الثورة، ولم يقرأ نظام مبارك الأمر على هذا النحو، والآن نرى نفس الأمر، احتجاجات فئوية، ومظاهرات سياسية، وتوقيعات بأسلوب كالذى حدث فى الماضى، فهل يعيد التاريخ نفسه؟
ستخطئ جماعة الإخوان وإخوانها، لو قرأت ما تفعله حركة تمرد، كما قرأ نظام مبارك حركة كفاية، ستخطئ لو اعتبرت توقيعات «تمرد» وكأنها «لعب عيال»، ستخطئ لو ظل سندها فى مواجهة المعارضين أنه الرئيس منتخب، وما جاء بالصندوق لا يذهب إلا بالصندوق، هذا ما فعله نظام مبارك فكان الطريق إلى الثورة التى فجرها الشباب، وهم لا يختلفون فى أسبابهم عن الشباب الذين يقودون حركة تمرد.
تشخيص حركة تمرد، على أنها ضد القانون، وأنها «مراهقة وعدم نضوج»، هو تشخيص مخل وهروب وتعبير عن استعلاء كما فعل نظام مبارك.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة