تقول القصة بأن موجها بإدارة شرق الإسكندرية التعليمية اسمه إيهاب سلماوى كان يمارس عمله الاعتيادى ويضع أسئلة امتحان مادة اللغة الإنجليزية الخاصة بالصف الأول الثانوى، وفى السؤال الخاص بالترجمة اختار الموجه كما هى عادته قطعا وجملا من داخل المنهج الدراسى من بينها جملة تقول: «فى مملكة الحيوان، لا يستطيع الخروف أن يصبح ملكا»، وبدلا من أن يحصل إيهاب سلماوى على الشكاوى العادية الخاصة بصعوبة السؤال الفلانى، أو أن الامتحان لم يأت فى مستوى الطالب المتوسط، وجد الرجل نفسه محاصرا باتهامات إهانة الرئيس، و«تسيس» العملية التعليمية، ووصف الرئيس بأنه خروف، وفجأة وجد موجه التربية والتعليم الذى لم يستخدم سوى نص من داخل المنهج أنه مهدد من قبل أفراد الإخوان المسلمين فى الإسكندرية، وتمت إحالته للتحقيق أمام الشؤون القانونية..
ما حدث مع موجه التربية والتعليم كارثة كبرى على المستوى السياسى والأخلاقى، كارثة تؤكد أن السادة القائمين على إدارة شؤون مكتب الإرشاد والقصر الرئاسى لم يصلهم نبأ الثورة التى اشتعلت فى مصر ليلة 25 يناير من أجل ألا نرى هذه الحوادث ولا يتعرض مواطن مصر للتهديد أو الاتهام بسبب رأى كتبه أو اشتباه فى أنه ضد السلطة، وربما يكون عدم شعور قيادات الإخوان بذلك راجع إلى عدم إيمانهم بفكرة الثورة وضرورة ماتحدثه من تغيير، أو لأن قيادات الإخوان ورثوا من ضمن ما ورثوا عن مبارك جيناته القمعية الرافضة للانتقاد، والمتحفزة لاقتناص المواطنين واتهامهم وتهديدهم بالشبهات مثلما فعلوا مع موجهة التربية والتعليم الذى لم يأتى على ذكر الإخوان ولا رئيسهم من قريب أو بعيد..
العبارة اللفظية التى وردت فى الامتحان وأثارت غضب الإخوان لا تكشف فقط عن تمكن عقيدة التفتيش فى النوايا من عقل وقلب مكتب الإرشاد والتابعين له، بل كشفت عن «بطحة» كبيرة جدا فوق رأس الجماعة وكل أفرادها دفعتهم للإنتفاض غضبا لمجرد أن أتى الرجل على ذكر كلمة «خروف»، وكأنهم فى الإخوان يريدون أن يثبتوا للناس أن الوصف الذى يستخدمه شباب الائتلافات والحركات السياسية للسخرية من سياسية القطيع التى تحكم الجماعة، تحول من مجرد وصف سياسى يمكن الرد على مستخدمه بأنه متجاوز وبلطجى كلام إلى صفة يخشى أفراد الإخوان أن يتلفظ بها الناس أمامهم.. بالمعنى البلدى يمكنك أن تقول أن عبارة (فى مملكة الحيوان، لا يستطيع الخروف أن يصبح ملكا) جاءت على «الوجيعة»، والغضب الإخوانى الذى اشتعل بسببها أثبت صفة كان الناس يتعامل معها من قبل على سبيل النكتة، ولكن تعامل الإخوان معها بمنطق «اللى على راسه بطحه» نقلها من خانة التهريج إلى خانة الواقع!.
من قبل كتبت فى هذا المكان قائلا: «لا أنت كافر ولا هو خروف» رافضا كل الاستخدامات اللفظية المهينة فى تصفية الخصومة السياسية، ومازلت عند رأيى مقتنعا بأن اللجوء إلى تلك المسميات لوصف الإخوان أو غيرهم عيب سياسى خطير ينقل معاركنا السياسية من ساحة الخلاف الفكرى إلى ساحة خناقات المصاطب الحريمى، ولكن يبدو أن المشكلة هنا كامنة فى نفوس شباب وقيادات الإخوان الذين أثبوا للجميع أن أى تكرار حتى ولو مهين لشخوصهم يمكنه أن يسوقهم إلى حيث الاتجاه الذى يريده الخصوم.. بدليل أن تكرار استخدام لفظ «خروف» فى امتحان أولى ثانوى ضمن سياق لا يرتبط بأى فصيل سياسى دفع الجماعة للغضب و«التحسيس» على «البطحة» القابعة فوق رؤوسهم، وكأنهم وحدهم المقصودون أو الذين يستحقون هذا الوصف!!..
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة