لا سبيل للخروج من المأزق الحالى إلا بالتعجيل بانتخابات مجلس النواب، بعد توفير الضمانات الكفيلة بنزاهتها وحيادها وعدم تزويرها، لحسم الجدل الدائر حاليا حول من الأحق بحكم مصر.
وهل فقد الإخوان شعبيتهم والمؤيدين لهم، أم سيحققون الأغلبية مرة أخرى، ليحكموا قبضتهم على بقية أركان الدولة، وتخرج القوى السياسية الأخرى من المعركة مُثخنة بالجراح، وترفع الراية البيضاء إيذانا بالرحيل عن المسرح السياسى، وانتظاراً لظهور منقذ جديد أو ما تأتى به السماء من حلول إلهية.
المشكلة هى أن كل اللاعبين على المسرح السياسى يزعمون أن الجماهير معهم وأصواتهم فى قبضتهم، من الرئيس مرسى الذى صرح منذ فترة أن شعبيته قد زادت بعد الانتخابات، حتى جبهة الإنقاذ التى ضعف تماسكها وزادت مطالبها، ورغم ذلك لا يقبل الرئيس ولا الإخوان الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، حتى لا يخاطرون بضياع قصر الرئاسة الذى مهد لهم الانفراد بالحكم وإزاحة المنافسين والمعارضين، ويعلمون جيداً أن رقابا كثيرة سوف تطير، إذا طار منصب الرئيس الذى أصبح معركة حياة أو موت، ولا ترضى جبهة الإنقاذ بالانتخابات البرلمانية خوفا من الخسارة التى لن تقوم لهم بعدها قائمة.
نريد أن نعرف: هل فقد الإخوان شعبيتهم وكفر الناس بهم بعد الهجوم الشديد الذى يتعرضون له، أم ما يظهر على السطح غير ما فى القاع، وأنهم متغلغلون ومنتشرون ومسيطرون على الكتل الجماهيرية الكبيرة فى المدن والقرى والنجوع، بعيدا عن القاهرة بصخبها وضجيجها، وهل يقتصر تأثير المعارضة على الظهور الإعلامى، دون أن يغير إرادة الناخبين ويوجه أصواتهم، وهل خُدع الناس فى الإخوان والتيارات الإسلامية أم فى المعارضة، ليعرف كل تيار حجمه الحقيقى ويُريح ويستريح؟.
قبل ذلك يجب أن يكون الطريق إلى الانتخابات البرلمانية مفروشا بكل ضمانات النزاهة والحياد والشفافية، والاطمئنان الحقيقى بالبعد عن كل صور التزوير والتأثير على إرادة الناخبين، والوصول إلى وفاق وطنى بإجراء انتخابات عادلة وشريفة، تهيئ الأجواء لعودة الاستقرار وترسخ قاعدة الانتقال السلمى للسلطة، وأن من جاء بالصندوق يمكن أن يرحل بالصندوق وليس بالمليونيات أو بحور الدم، ولتنزاح المخاوف من أن الإخوان لن يرحلوا بالصندوق ولا بغيره.
المشكلة الحقيقية هى عدم وجود حزب مدنى آخر كبير فى مواجهة الإخوان، ولديه القدرة على حشد وتعبئة الجماهير على أرض الواقع وليس فى برامج الفضائيات، ويستطيع أن يتصدى لألاعيب الانتخابات وحيل التزوير الموروثة والمستحدثة، وفشلت تلك القوى فى لم الشمل وتوحيد الصف، وانصرفت إلى المعارك الكلامية والبحث عن الأدوار، ومارسوا مع أنفسهم ومارس معهم الإخوان «لعبة الحرق»، وتصوروا أن النجومية الإعلامية يمكن أن تكون بديلا عن «نجومية الواقع» والتواجد بين الجماهير المهمشة التى تبحث عن حلول لمشاكلها الملحة، أن الانتخابات لها «إسطوات»، وليست فقط برامج مزركشة وخطب حماسية.