صفق العمال الحاضرون فى احتفال مجمع الحديد والصلب بحلوان أثناء إلقاء الرئيس محمد مرسى كلمته وذكره للزعيم الراحل جمال عبدالناصر -ربما لأول مرة فى مناسبة احتفالية فى الداخل- وإشادته بالصرح الصناعى الضخم الذى أقامه عبدالناصر فى الخمسينيات والستينيات مع رجال هذه المرحلة وعلى رأسهم الدكتور عزيز صدقى، أبوالصناعة المصرية، الذى شهدت مصر فى عهده نهضة صناعية حقيقية بسواعد ملايين العمال من أبناء الشعب المصرى الذى انحاز لهم عبدالناصر بقوانين وقرارات فعلية حفظت لهم حقوقهم ومكاسبهم وحققت لهم العيشة الكريمة. المجال هنا لا يتسع لسرد ما تحقق لعمال مصر فى عهد الزعيم الراحل ومازالت بقاياه موجوده رغم ما تعرض له عمال مصر طوال السنوات الماضية وحتى الآن من تشريد وإهدار لمكاسبهم وضياع لحقوقهم بعد أن تخلت الدولة طوال الثلاثين عاما الماضية عن ثروة الشعب فى مصانعه وشركاته وعرضتها للبيع بأبخس الاثمان.
التصفيق من العمال كان لعبدالناصر الذى يعرفون قيمته وقدره ومازالوا يحفظون له مواقفه وأفعاله معهم، والذى اكتشف الرئيس مرسى فجأه قدرته وزعامته وإنجازاته أثناء وجوده فى مجمع الحديد والصلب. ربما كان وجوده فى المجمع لأول مرة فى حياته هو الذى جعله يستدعى ذكرى الرجل اضطرارا أو اعترافا بإنجازاته التاريخية ولم يكن أمامه سبيل سوى أن يعلنها صراحة بأنه سيسير على خطى عبدالناصر.
فهل كان اعتراف مرسى بإنجاز عبدالناصر هو اعتذار عن جملته الشهيرة أمام أهله وعشيرته فى ميدان التحرير فى يونيو الماضى «وما أدراك ما الستينيات»، أم أن النشأة وسنوات التكوين الأولى للرئيس مرسى هى التى غلبت عليه أثناء الخطاب فقال قول الحق فى زعيم يجده أمامه أينما حل وأينما ذهب وسافر فى كل أرجاء المعمورة.
هل كان استخدام اسم عبدالناصر مجرد توظيف سياسى للمناسبة التى يستحيل ألا يذكر اسم عبدالناصر معها فى كل عام؟ أم أنها نوبة صدق نادرة لدى رجل ينتمى بكل كيانه الآن للتنظيم الكاره للزعيم الراحل والذى يتطاول عليه وعلى سيرته ليل نهار؟
المسألة ليست فى ذكر ناصر والإشادة به يا سيادة الرئيس، وإنما التصالح مع تاريخه وإنجازاته أولا ثم دراسة مشروعه الوطنى وتجربته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاقتداء بها وإعلان انحيازه للعمال والفلاحين والبسطاء والفقراء، وليس استنساخ التجربة المباركية.