لم أكن المندهش والبائس الوحيد من توقيت الدعوة التى وجهها الرئيس محمد مرسى للأحزاب والقوى السياسية لاستعراض الأوضاع الأمنية الخطيرة والمتدهورة فى سيناء عقب حادث اختطاف الجنود السبعة على أيدى عصابات إرهابية وإجرامية فى ظل حالة الغضب والشعور بالإحباط والمهانة والذل الذى سيطر على معظم فئات الشعب التى شاهدت فيديو «الإذلال» لعدد من جنودنا فى سيناء فى رسالة تحدٍ واضحة وسافرة من تلك العصابات الإرهابية للدولة ورئيسها وجيشها.
وسط كل ذلك، يدعو الرئيس من لا يعنيهم الأمر من غير المتخصصين من الأهل والعشيرة والموالين والانتهازيين لمناقشة قضية عسكرية طارئة تخص الأمن القومى المصرى، بل الأكثر من ذلك تطلب الرئاسة الرأى الشرعى فى عملية تحرير الجنود واسترداد هيبة وكرامة الدولة.
التوقعات وضرورات الأحداث هى أن يعلن الرئيس حالة الطوارئ القصوى، ويعقد اجتماعا طارئا ومستمرا مع مجلس الدفاع الوطنى ووزراء الدفاع والداخلية والمخابرات والأجهزة الأمنية فيما يشبه «مجلس الحرب» للرد على جريمة اختطاف الجنود والثأر لهيبة وكرامة الدولة ومؤسساتها العسكرية من العصابات الإجرامية فى سيناء التى تجاهر ليلا ونهارا بتحدى الدولة وأجهزتها، انطلاقا من تواطؤ وتراخى الرئاسة فى مواجهتها لحسابات ومصالح خاصة بالرئيس وجماعته على حساب المصالح العليا للوطن الذى يتعرض لمخاطر التقسيم وسيطرة جماعات إرهابية وتكفيرية على أجزاء منه وتحويلها إلى بؤر إرهابية وفقا للسيناريو العراقى، تحت مظلة الحماية الرئاسية التى أصدرت عفوا عن رموز تلك الجماعات وسمحت لها بالحركة ومعاودة نشاطها بحرية كاملة.
الوضع خطير للغاية، والرئيس هو المسؤول، والاحتمالات حول تطورات الموقف مفتوحة على مصراعيها، والغموض الذى يحيط بموقف الرئيس وجماعته من الجماعات الإرهابية فى سيناء يدفع بالشكوك فى النوايا فى كل اتجاه.. فحديث المؤامرة على الوطن والجيش وقياداته يتجاوز مرحلة الهمس الآن إلى الصوت العالى، وأظن أن ذلك هو الخطر الأكبر بعينه، فالوضع الحالى لا يحتمل مؤامرة أخرى على الجيش، والإطاحة بقياداته فى إطار مشروع التمكين والأخونة، وإلا فسوف تدخل البلاد فى نفق مظلم وصراعات لا نهاية لها، الوطن يمر بظروف صعبة للغاية وعلى شفا الانقسامات والصراعات، ويحتاج إلى قيادة تستطيع أن تأخذ القرارات الصعبة والحاسمة فى الوقت المناسب. قيادة غير مترددة وغير متواطئة.