مجرم من يصور لك أن هناك مواطنا مصريا حزينا أو غير فرحان بالعودة السالمة للجنود السبعة المخطوفين، والمجرم هنا هو الإخوانى أو نصير الرئيس الذى تحول فى لحظة إلى «نبطشى» أفراح، وأمسك بالصاجات والطبلة، وبدأ حفلة التهليل لحكمة السيد الرئيس التى أنقذت الجنود من الذبح، مثلما كان يفعل سمير رجب ويهلل لحكمة مبارك كلما اتخذ خطوة للأمام أو خطوتين للخلف.
لا تمنح نفسك حق احتكار الوطنية، أو التفتيش فى نوايا الناس، ولا تطلب من كل الشعب المصرى أن يسير معك فى «زفة» التهليل للرئيس مرسى على حدث لم نعرف حتى الآن تفاصيله، أو أبعاده، أو الثمن الذى دفعه الرئيس لكى يحصل على الجنود السبعة أحياء.
كل مصرى طبيعى من المؤكد أنه يشعر بفرحة السلامة للجنود الغلابة، لكنه يشعر بقلق مصدره الغموض، غموض حادث الاختطاف، والإفراج، وطريقة إدارة الرئاسة للأزمة.
وأى مصرى عاقل من حقه أن يضاعف قلقه ومخاوفه بعد الكلمة الخائبة التى ألقاها الدكتور مرسى عقب استقبال الجنود فى مطار ألماظة، وأخذ يلف ويدور ويكرر شكره للقوات المسلحة، والداخلية، والتكامل والتكاتف دون أن يخبر الناس بأى تفاصيل أو معلومات حقيقية عن الكيفية التى تعاملت بها الدولة مع الأزمة، أو كيف انتهت، حتى بدا أن الدكتور مرسى لا يعرف ماذا حدث، أو كأنه يدفع هذا الشكر العلنى الذى وصل إلى تأكيده الكاذب على أن الداخلية شاركت فى حماية الثورة، مقابل إخفاء عار ما أو شىء ما عن أسرار عملية الاختطاف، يفرض مبدأ الشفافية على الرئيس أن يعلنها للشعب المصرى، حتى لا يظل غارقا فى قلق تكرار الحادث مرة أخرى.
فى حادث الاختطاف، والعودة السالمة للجنود السبعة عدة نقاط لابد أن تتوقف عندها بعد أن تنتهى من فرحتها، حتى لا نكون مثل هؤلاء الذين يداوون جراحهم بمسكنات مؤقتة، ويؤجلون اللجوء إلى الحلول الجذرية المكلفة دون أن يدروا أنهم بذلك يمهدون طريق المباغتة للموت.
1 - فى كلمته بمطار ألماظة قدم الدكتور مرسى الشكر بالكيلو لقيادات الجيش، والأجهزة الأمنية، وقدمه على استحياء لأهالى وشيوخ سيناء، الأبطال الحقيقيين لمعركة الإفراج عن الجنود، وظهر الرئيس فى هذا المشهد سارقا لجهود أهالى سيناء، ومؤمنا على استمرار المسار الذى ابتدعه مبارك فى التعامل بالمسكنات مع الأزمات الكبرى، ألا وهو مسار الحلول العرفية.
2 - عزيزى المواطن عليك أن تلجأ إلى عقلك، وأنت تسمع التهليل الإخوانى عن حكمة الرئيس، والعملية الذكية لاستعادة الجنود حتى تعرف الحقيقة.. والحقيقة يا عزيزى أن هناك فرقا مهما بين اللفظ الذى يستخدمه الرئيس والإخوان زورا، وهو لفظ «تحرير الجنود من أَسْرهم»، وبين التعبير اللغوى المعبر عن الواقع، وهو «إطلاق سراح الجنود»، لأن اللفظ الأول يعنى أن خطة ما بحلول عبقرية تم وضعها لاستعادة هيبة الدولة وكرامتها بعد الإهانة والذل اللذين أصاباها من الفيديو الذى بثه الخاطفون للمخطوفين وهم معصوبو الأعين، بينما اللفظ الثانى يعنى أن الخاطفين بعدما أتموا هدفهم فى إهانة الدولة أطلقوا بأنفسهم الجنود السبعة فى الصحراء، طبقا لحل عرفى أو صفقة جبُن الرئيس أن يذكر تفاصيلها فى المؤتمر، مفضلا إقامة فرح شعبى، وتحويل العودة الغامضة إلى إنجاز.
3 - إذا لم تشهد الأيام القليلة الماضية أى ظهور للخاطفين، سواء أكان ظهورا على شكل جثث غارقة فى دمائها، أم أيادٍ فى الكلابشات، ووجوه ذليلة خلف القضبان، وإذا لم تستمر عمليات التطهير فى قلب سيناء، وحصول السجون على عشرات من المتطرفين المسلحين.. إذا لم يحدث ذلك فلا تأتِ على ذكر هيبة الدولة ورئيسها.
4 - أنت لست مضطرا لأن تصدق كلمات الدكتور مرسى غير المفهومة أصلا، حول تطهير سيناء، وحول الحكمة والصبر والتخطيط والتروى فى اتخاذ القرارات، لأن نفس الرئيس تحدث عن نفس الأشياء قبل 10 أشهر من الآن، عقب مقتل 16 جنديا على حدودنا فى رفح، ولم يحدث أى شىء مما وعد به، لا تم تطهير سيناء من الإرهاب والمجرمين والسلاح، ولا تم القبض على القتلة، ولا القصاص لهيبة الجيش المصرى.
5 - صحيح أن الجنود عادوا دون إراقة دماء، وهذا شىء يشكر عليه كل من ساهم فيه بجهد أو فكرة، ولكن صحيح أيضا أن كل ذلك تم دون تحديد مجرمين أو وجود متهمين، وبالتالى تظل المشكلة قابلة للتكرار، ولهذا يجب أن تعرف أنه من حقك كإخوانى، ومن حقنا كمصريين، أن نفرح برجوع الجنود سالمين، دون أن ننسى أو تنسى أنت، أو ينسى رئيسك أنه من حقنا أن نفهم ماذا حدث، وما ثمن العودة الآمنة، حتى نفرح أكثر، ونطمئن إن كان خيرا، أو نشاركك الحمل والقلق إن كان شرا!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة