حين يطرح قيادات من حزب الحرية والعدالة، بأن محمد دحلان القيادى بحركة فتح الفلسطينية، يقف وراء اختطاف الجنود المصريين السبعة، فلا تلم من يطرح عليك من يقول إن عملية الاختطاف مقصود بها إحراج الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، وأن العملية كلها من تدبير عناصر تهيئ الفرصة لإقالة الرجل والتخلص منه. فى الأمرين أنت أمام حالة أقرب إلى سوق عكاظ الذى كان يلقى فيه الشعراء شعرهم، وعلى المستمع أن يحدد الغث والثمين منه.
أكثر ما يلفت الانتباه فى هذا السوق العكاظى، هذا الرأى الذى يقوله قادة من الحرية والعدالة بأن جماعة الإخوان حصلت على معلومات بأن رجال دحلان فى سيناء وراء الحادث، لأنه معروف بمحاربته «الإخوان» ويريد ضرب الاستقرار الذى تشهده مصر حاليا، ولنلاحظ هنا معلومة «أن الجماعة حصلت على معلومات»، ومنها يأتى السؤال، أين هذه المعلومات؟، وهل تم تقديمها إلى الأجهزة المعنية؟، وكيف تم الحصول عليها؟، وهل جاءت هذه المعلومات إلى الجماعة من حماس؟، وما علاقة دحلان بما ذكره المختطفون من مطالب أملاها عليهم الخاطفون وجاءت فى الشريط الفضيحة الذى هز المصريين جميعا؟، وإذا كان لـ«دحلان» رجال فى سيناء يعبثون بأمن مصر فلماذا تم تركهم حتى الآن؟
تقودك هذه الأسئلة إلى عبث كبير، القصد منه صرف الأنظار عن حقيقة أن سيناء أصبحت مرتعا للإرهاب لم يتم مواجهته بحسم، وإذا كان من المسلم به أن هناك أطرافا إقليمية فى مقدمتها إسرائيل تعبث فى الأمن القومى المصرى، فإن السؤال: «وماذا فعلت السلطة الحاكمة من أجل مواجهة ذلك؟، وإذا كان الأصل فى الكوارث يأتى من اتفاقية كامب ديفيد والتى بمقتضاها تبقى سيناء منقوصة السيادة، فإن السؤال، وماذا فعلت السلطة الحاكمة من أجل تعديل هذه الاتفاقية؟، ولنتذكر أن هذه الاتفاقية الكارثة كانت فى مقدمة أجندة الفعل الوطنى لجماعة الإخوان أثناء حكم مبارك، والآن لم يعد لها ذكر بعد أن صعدت الجماعة إلى الحكم.
فى ترتيب الأولويات يمكن تفهم أنه ليس من الحصافة «السياسية» فتح ملف كامب ديفيد الآن، وأن تقوية الداخل يبقى الهم الأول، وإنجازه سيقود حتما إلى فتح هذا الملف، لكن فقدان الثقة فى أن «الداخل سيقوى» يقود حتما إلى فقدان الثقة فى النظرة المستقبلية نحو التعامل مع «كامب ديفيد».
يقودنا ما سبق إلى أسباب الاختطاف الأخرى التى ذكرها قادة من «الحرية والعدالة»، متمثلة فى أن هناك أهدافا يحاول الخاطفون تنفيذها، منها وقف مشروع قناة السويس، وإحباط النجاحات التى تحققت فى الفترة الأخيرة بعد زيادة إنتاج محصول القمح، وتوفير المواد التموينية، وزيت الطعام الجديد، وتوفير أسطوانات البوتاجاز.
تلك أسباب تقود إلى الضحك ويريد حاملوها تصوير الأمر للمصريين، كما لو أننا أمام نهضة كبرى ومشروع قومى كبير تحتشد الدول الكبرى لإجهاضه، وفى الإجمال نحن أمام عبث فى الرؤية، تنطلق من فرضية غير حقيقية، فما يحدث فى سيناء أكبر من تلك الخزعبلات، وليس بسرد إنجازات توفير المواد التموينية ومحصول القمح يكون الدفاع عن الرئيس، فلا هو ضحية مواجهات دولية وإقليمية، لأنه من الأصل لا توجد مواجهة، وإنما هو ضحية رؤيته السياسية الخاطئة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة