أفرج أمس عن الجنود السبعة، كل التقدير للجهود التى بذلت للإفراج عنهم، ولكن الأمر يذكرنى باختطاف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين للطائرات فى سبعينيات القرن الماضى الأمر الذى أدى لاعتراف العالم بمنظمة التحرير الفلسطينية. كتبت عشرات المقالات نشر بعضها فى «اليوم السابع»، وأكثر من دراسة، حذرت فيها من أزمة سيناء ولم يلتفت أحد سوى أستاذنا سعد هجرس بمقال فى «اليوم السابع» بعنوان: «سينا هتضيع مننا يا ناس» وقابل سعد الرئيس ومساعديه وحمل إليهم هذه المخاوف.. لكنهم قللوا من هذه المخاطر. مرة أخرى وليست أخيرة أعيد تقديم الموقف بعد خطف الجنود السبعة، وإليكم الحقائق والأرقام الرسمية المنشورة: «29 يوليو 2011 نظمت الجماعات السلفية ما سمى بـ«جمعة قندهار» وفى المساء هاجمت جماعات السلفية الجهادية قسم ثان العريش، وأعلنت سيناء إمارة إسلامية، ومنذ ذلك التاريخ حتى الآن قامت هذه العناصر بـ104 عمليات ضد كمائن الشرطة والقوات المسلحة، والمفاجأة أن اختطاف الجنود ليس الحادث الأول ولن يكون الأخير فقد سبق لهم اختطاف ضابط وجنديين، و24 عاملا وخبيرا كوريا من مصنع أسمنت تابع للقوات المسلحة، وأعيدوا بعد مفاوضات، ناهيك عن اختطاف السائحين، كذلك تم تهجير 7 أسر مسيحية فى سبتمبر 2012، وهكذا قسمت سيناء ما بين حماس وأصحاب الرايات السوداء الموالين للقاعدة، ومن جهة أخرى ما أسميه مثلث الشر: تجار البشر والمخدرات والسلاح، وحينما حاولت القوات المسلحة فى العمليتين (نسر 1 ونسر 2) تحرير سيناء من الاحتلال الجديد، افتقدت للأسف الإرادة السياسية كون مؤسسة الرئاسة اعتمدت قاعدة الحوار، ولكن الحوار فشل فى المرة الأولى وها هو يفشل فى الثانية، ومن ثم فالحل العسكرى الجزئى غير المدعوم سياسيا وشعبيا لن يؤتى بالتحرير الشامل لشبة الجزيرة!. القضية ثلاثية الأبعاد: البعد الأول العلاقات المتداخلة ما بين الإسلام السياسى الذى اعتمد الاندماج فى البناء الديمقراطى، والإسلام الجهادى المختلف معهم، والقصة بدأت بإعلان عبداللطيف موسى زعيم تنظيم «جند الله» إمارة بيت المقدس التى تبدأ من رفح، قامت حماس بتفجير المسجد، قتل عبداللطيف فى أغسطس 2009 ومعه 12 قياديا جهاديا وأصيب 125، وتحول مسجد ابن تيمية برفح إلى حماس، وانكفأت القوى السلفية الجهادية شمالا نحو رفح المصرية، وتم الاتحاد بين ثمانية تنطيمات منها جماعة التوحيد، والجهاد، وجندالله، وشكلت تلك التنظيمات قيادة عسكرية واحدة، قامت بخمس عمليات ضد إسرائيل، وتمترست فى جبل الحلال المنيع، وللأسف لم يستطع الرئيس مرسى اثناء زيارتة لسيناء أن يذهب أبعد من العريش، كذلك وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى لم يستطع أن يذهب إلى سيناء، وتقابل مع زعماء القبائل السيناوية فى القاهرة. هكذا تتضح صورة أن الرئاسة بين «نارين» أما أن تتهم بالتفريط فى الدماء المصرية، أو تفتح على نفسها جبهة الجهاديين فى وقت خسرت فيه القوى المدنية، ومن ثم جاء اجتماع الاتحادية كما لو كان اجتماعا لـ«أهل الحل والعقد» من أجل وحدة الحركة الإسلامية فى مواجهة الجهاديين.
البعد الثانى هو حالة الانقسام السياسى والمجتمعى وعدم ذهاب الإنقاذ إلى اجتماع القصر جاء ليؤكد على انقسام الدولة ما بين إسلاميين ومدنيين فى قضية أمن قومى، أخيرا لابد من الإشارة إلى أن البيئة السيناوية محايدة على الأقل، كل هذه العوامل مجتمعة تجعل اختطاف وعودة الجنود مؤشرا حقيقيا على تفكك الدولة وإمكانية الوصول للحكم الذاتى فى سيناء.