مهما خرجت التصريحات الرسمية لطمأنة وتهدئة الرأى العام بشأن العلاقة المتوترة بين الرئيس وجماعته من جانب وبين الجيش من جانب آخر، فمازالت هناك شكوك حول النوايا وتقاطع فى الإرادات السياسية فى التعامل مع مخاطر الأمن القومى وما يهدد سيادة الدولة المصرية على أراضيها فى الشرق والجنوب والغرب.
الأوضاع فى سيناء تكشف أن الرئيس وجماعته تسيطر عليهما الرغبة فى إظهار القوة والسيطرة على الأوضاع هناك، وفى نفس الوقت تراوغ وتناور لعدم الدخول فى حرب وعداء مع الجماعات الإرهابية المسلحة هناك لأنها الظهير السياسى والعسكرى لها وقت الحاجة وفى حالة الصدام مع القوى المدنية أو مع الجيش، فالتصريحات التى تأتى كل لحظة على لسان قيادات إخوانية أو من الموالين لهم تهدد بالمليشيات المسلحة وبتحويل مصر إلى سوريا فى حالة اقتحام قصر الاتحادية أو مقر مكتب الإرشاد تؤكد ذلك، فالأزمة الحالية بشأن اختطاف الجنود تظهر التناقض الذى تعيشه الرئاسة والجماعة بين ما هو ضرورى ووطنى وبين ما هو أيديولوجى وسياسى، فالضرورة تتطلب محاربة الإرهاب فى سيناء والقضاء على الجماعات المسلحة هناك لحماية أمن مصر وعدم منح الفرصة لإسرائيل لتدويل القضية أو لتحقيق مشروعها فى تحويل سيناء إلى الوطن البديل للفلسطينيين، بما يعنى أن سيناء أصبحت تمثل تهديدا حقيقيا وكبيرا لمصر وأنها توشك على الضياع، أما الأيديولوجى والسياسى فهو أن الجماعة تربطها علاقات وثيقة بالجماعات الجهادية فى سيناء وتتشارك معها فى رغبة تأسيس دولة الخلافة، وتتعامل معها بليونة ومرونة ولا ترغب فى الصدام معها لأنها من الأهل والعشيرة التى تحتاجها وقت اللزوم ولا تريد فتح جبهة جديدة معها أو مع حماس، ولذلك كان التردد سمة الموقف الرئاسى من التعامل مع الخاطفين للجنود السبعة، على عكس الجيش الذى يقرأ المشهد ويعلم حقيقة الأوضاع فى سيناء وأطماع إسرائيل وحماس فيها ولذلك الرؤية تتقاطع مع توجهات الرئاسة والجماعة، ويرى أن تطهير سيناء الفورى من هذه الجماعات أمر تفرضه ضرورات الأمن القومى والحفاظ على سيادة الدولة المصرية.
بالتأكيد الرئيس مرسى يشعر بالمأزق الكبير وحيرته بين ضرورات منصبه كرئيس مصر، وبين مخططات ومشاريع جماعته السياسية فى تأسيس مشروع الخلافة بالتعاون مع المليشيات والجماعات المسلحة.