حتى «دبيب» الأرض اشتكى من الأوضاع المريرة التى تمر بها مصر حاليا، هذا هو لسان حال الناس التى تسير فى الشوارع مكفهرة وجوهها، وتحمل أجولة الغضب والسخط من انهيار كل أوضاع بلادها، وتشعر أن الذى يجلس على مقاعد الحكم فيها «محتلون» وليسوا مصريين يعملون من أجل نصرة ورفعة بلادهم.
المواطنون فى بلادى، يعتصرهم الألم مما آلت إليه مصر، فقد تخلت عنهم أم الدنيا، وطلبت منهم أن يحموا أنفسهم ويقاتلوا البلطجية بأنفسهم، ويعالجوا أنفسهم، و«يولدوا» الكهرباء بأنفسهم، ويدافعوا عن أوطانهم بأنفسهم، ويبحثوا عن سبل رزقهم بأنفسهم، كأن بلادهم قد اختطفها «الهكسوس»، وتفرغ الرئيس فى إرسال رسائل للمعارضين والنشطاء «أخرسوا أصوات أفراس النهر فإنها تزعج الرئيس فى قصر الاتحادية».
السيناريو الذى تعيشه مصر حاليا يتشابه تماما مع السيناريو الذى كانت تعيشه إبان احتلال الهكسوس، فى نهاية حكم الأسرة الرابعة عشرة، والذى استمر ما يقرب من 100 سنة، كانت فترة سلب ونهب وتخريب، وحرق المدن، وتدمير المعابد، وسبى النساء والأطفال، وتمكين وتهميش لأصحاب الأرض والبلاد، وبعد حرب شرسة مع المصريين اتخذ الهكسوس عاصمة لهم فى شرق الدلتا أطلقوا عليها «أواريس»، وسيطروا على البلاد ما عدا الصعيد الذى فشلوا فى السيطرة عليه، وأصبح يمثل صداعا مزمنا لهم.
تشابه السيناريو بين «هكسوس» الأسرة الرابعة عشرة الفرعونية، و«هكسوس» العهد الحالى، يصل إلى حد التطابق فى طريقة التخلص من النشطاء، وإخراس أصواتهم للأبد. هكسوس الماضى تخلصوا من الملك «سقنن رع الثانى»، ملك طيبة، أول من أطلق صرخة الاعتراض على حكم الهكسوس، وبدأ فى ترتيب وإعداد جيش تمهيدا لطردهم من البلاد، إلا إنه قُتل فى ظروف غامضة، وعثروا على جثته فى صحراء القرنة، سنة 1575 قبل الميلاد.
وبعد رحيل الملك «سقنن رع» فى ظروف غامضة، حمل لواء النضال من بعده ابنه الأكبر «كاموس» الذى خاض معارك ضارية مع الهكسوس، وأيضا مع المصريين الذين كانوا يهادنون ويؤيدون بقاء العدو المحتل جاثما على صدورهم، واستمر نضاله 5 سنوات كاملة، حتى قُتل فى ظروف غامضة، وجاء من بعده شقيقه الفتى الأسمر «أحمس» الذى كان عمره حينذاك 19 عاما - وهو نفس سن النشطاء محمد الجندى، وجيكا، وكريستى - وكون جيشا، معلنا تحدى الهكسوس فى الشمال، ومن يعاونهم فى الجنوب عند الشلالات، واستطاع أن يواجههم فى معارك ضروس، وسحقهم وطاردهم حتى سيناء، ثم عاد إلى الجنوب، وقاتل الذين كانوا يعاونون الهكسوس، وطهر البلاد من الأعداء وأعوانهم المترصدين على الحدود، والذين يثيرون القلاقل بها.
لم تفلح كل خطط وسيناريوهات «هكسوس» الماضى من قتل وإخراس الأصوات المعارضة لهم، ولم تفلح رسائل التهديد والوعيد والقتل فى ظروف غامضة، مثل قتل «سقنن رع»، ولم تفلح أيضا استعانتهم بصديق من خارج الحدود، لترهيب وقتل المصريين.
وبما أن التاريخ يمنحنا الدروس والعظات المهمة، وتأسيسا على ذلك، فإن هكسوس العهد الحالى لن تفلح محاولاتهم إخراس أصوات المعارضة، والثوار، وأن الحق سينتصر، فى ظل تردى أوضاع البلاد التى تسير من سيئ إلى أسوأ، وإذا كانوا قد تمكنوا من قتل جيكا والجندى وكريستى، فهناك المئات من «أحمس».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة