لم أفعل أى شىء.. فقط كتبت على صفحتى بالفيس بوك رأيا يقول: (الأداء السياسى للدكتور البرادعى لا يختلف كثيراً عن أداء محمد مرسى)، ومن بعدها بدأت حملة تبريرات وصد ورد عن الدكتور الذى يبدو فى عيون المدافعين عنه وكأنه منزه عن الهوى، وأنه يكفيه أن بعض الجمل التى ترد على لسانه منسقة ومقنعة لكى يكون تمثالا غير قابل للنقد.
للأسف يتصرف أنصار البرادعى كأنصار مرسى، يرون كل نقد لصاحبهم قادماً من عقل لا يفهم، أو من قلم مأجور، رغم أن أى لحظات قصيرة من التركيز ستكشف لك الحقيقة المؤلمة.. حقيقة المثل الشهير «الطيور على أشكالها تقع» الذى يحتاج أصحابه من قدامى المصريين إلى نظرة سريعة، لوضع المحروسة الحالى حتى يفخروا بعظمة ما صاغوه من حكمة دائمة فى كلمات هذا المثل.. وبشكل أكثر شعبية يمكن أن أقول لك: «اقلب القدرة على فمها.. تطلع المعارضة لسلطتها اللى بتحكمها»..
بشكل أكثر دقة أنا أتكلم عن هؤلاء الذين دخلوا إلى زمن ما بعد الثورة، وهم يجرون خلفهم ماعلق فى أثوابهم من سيئات عصر مبارك، هؤلاء الكبار الذين استغلوا الثورة و«كبسوا» فوق أنفاس صانعيها من الشباب على رأس أحزاب، وحركات، وجبهات، مازالت تتعامل مع مرسى ونظامه بنفس العقلية الخائبة البطيئة المترددة التى كانوا يتعاملون بها مع مبارك ونظامه.. نفس السعى غير المفهوم لإنشاء تحالفات وتكتلات سياسية متنافرة فكرياً وتنظيمياً، لمجرد الاحتماء خلف جدرانها من أى اتهام شعبى بالتقاعس أو الجبن، ونفس الزيارات السريعة للضعف والارتباك والانشقاقات التى كانت تطرق باب التحالفات والجبهات التى أسستها المعارضة فى زمن مبارك، ونفس الإصرار على مخاطبة الناس من خلف شاشات التليفزيون دون الولوج إلى الشوارع والحوارى الضيقة، التى يصنع السير فى شوارعها النجاح السياسى المراد.. كلما أرى براعة الدكتور محمد البرادعى فى امتطاء صهوة عصفورة «تويتر»، ليغرد لنا من فوقها بكلام عن النظام الوحش الضعيف، والثورة التى تضيع، ويطرح لنا نظريات عظيمة بالفعل عن التغيير السياسى وصناعة المسارات الديمقراطية الحقيقية، كلما أتيقن تماماً مما هو مذكور فى سطور المقال الأولى، وأدرك تماما أن البؤس الغارق فيه قيادات المعارضة أعمق بكثير من البؤس الغارق فيه أهل السلطة..
قيادات معارضة فاشلة حتى هذه اللحظة فى التواصل مع الناس، وإقناعها بالسير فى خط سياسى يضمن تحقيق مطالب الثورة التى دهسها الإخوان بأحذية أحلامهم فى السيطرة على الدول، ورئيس وقيادات سلطوية فاشلة حتى الآن فى إقناع الناس بأنها قادرة على قيادة «عربية كارو»، وليس دفة رئاسة وطن بحجم مصر.
الدكتور البرادعى على سبيل المثال يفعلها دائماً، يطل من تويتر ليلقى بنصيحة عظيمة ثم يجرى مختفياً، وكأن موعد المسلسل الذى يتابعه قد حان، دون أن يخبرنا عن آلية التنفيذ، أو خطته مع قيادات الجبهة لتفعيل نصائحه وتصوراته، فعلها كثيراً وغرد بها منذ فترة بضرورة مقاطعة الانتخابات القادمة، دون أن يرفق بدعوته بيانا مهما عن تصوره لشكل المقاطعة أو البديل الذى يمكن أن يقنع الناخب بعدم الذهاب إلى الصندوق، ولا يصح هنا أن تخبرنى بأن التصور الكامل للمعارضة، وجبهة الإنقاذ، سيكون لاحقا للدعوة، لأن الشارع لا يملك أى رصيد يدفعه للثقة بدعوات مقاطعة صادرة من جبهة طالبته سابقاً بمقاطعة الدستور، ثم تراجعت فى اللحظات الأخيرة دون إبداء أسباب..
يا دكتور برادعى.. لا تسخروا من محمد مرسى، وأنتم تأتون للناس بمثل ما يأتى به، ارتباك وتصورات غامضة، وعناوين براقة لمشروعات وأحلام دون تفاصيل وجداول تنفيذ محددة زمنيا، يادكتور برادعى.. لا تتهموا الإخوان بقصر النظر، وأنتم مثلهم لا ترون سوى بالعدسات المكبرة.. وعدساتكم المكبرة للرؤية هم الشباب الذين بخلتم عليهم بفرصة القيادة!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة