من الشائعات الطريفة التى أفرزتها أزمة انقطاع الكهرباء ما سمعته من بسطاء يقولون فيها، إن الأزمة متعمدة لأن أحد قيادات جماعة الإخوان لديه توكيل لبيع ماكينات توليد الكهرباء، وانقطاع الكهرباء يعنى طلبا شديدا على شرائها، مما يؤدى إلى مكاسب هائلة لهذا القيادى الإخوانى، كما أن «الجماعة ستستفيد من ذلك بالحصول على جزء من تلك المكاسب المادية».
بالطبع تلك شائعة طريفة لكنها موجودة، وتذكرنا بما كان يردده الناس أيام نظام مبارك حول استيلاء علاء مبارك على كل شىء فى مصر، كنت تستمع إلى من يقول لك وكأنه عالم ببواطن الأمور: «خلى بالك الشركة دى علاء شريك فيها»، و«خلى بالك المشروع ده بتاع علاء مبارك»، كان ذلك فى بدايات التسعينيات تقريبا، وقبل أن يظهر حديث توريث جمال مبارك.
لم يعد أمر تنفذ رجال مبارك سرا فيما بعد، ومسؤوليتهم عن الفساد المالى، وأصبح احتكار السلع على الملأ، ولا يحتاج إثباتها إلى جهد كبير، والمهندس أحمد عز نموذجا صارخا فى احتكار الحديد.
كان ذلك كله تعبيرا عن حالة سياسية فاشلة لنظام مبارك، ودليلا على حكم العائلة ومن يسير فى فلكها، وها نحن الآن نقترب منها، ولو طبقناها على أزمة انقطاع التيار الكهربائى ستلتمس العذر لمن يجلب الشائعات بشأنها.
فى الصيف الماضى، حدثت أزمة انقطاع التيار الكهربائى، وصرخ الناس فى بيوتهم، والمثير وقتها أن جماعة الإخوان تحدثوا عن أن الفلول هم الذين يقفون وراء ذلك، وكان دليلهم على ذلك هو أن انقطاع التيار الكهربائى جاء بعد فوز الدكتور محمد مرسى فى انتخابات رئاسة الجمهورية، لأن الفلول يقفون له بالمرصاد، ولا يريدون لتجربته النجاح، ويعرقلون مشروع النهضة الذى انتخبه المصريون على أساسه، وقيلت نفس الحجة فى أزمات البنزين والسولار وأنابيب البوتوجاز.
لا يستطيع أحد من الإخوان ولا يستطيع أحد من المدافعين عن الدكتور مرسى تكرار حجج الماضى، لا يستطيعون الحديث عن أن الفلول هم الذين يقطعون التيار الكهربائى حتى يثور المصريون على الجماعة والرئيس، فالحكومة حكومتهم والوزراء وزراؤهم، وسيطرتهم على مفاصل الدولة تتم على قدم وساق، وكونها عاشت الأزمة فى الصيف الماضى وتكررها فى الصيف الحالى، فهذا يعنى أنها حكومة فاشلة لنظام فاشل لا يملك أى رؤية للمستقبل، نظام يثير الأزمات ويحملها على غيره، ولنتذكر ما قيل من رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل فى الصيف الماضى حين سئل عن أزمة انقطاع الكهرباء فأجاب: «الأفضل للناس أن ترتدى ملابس داخلية قطنية، وأن تجلس الأسرة كلها فى حجرة واحدة فيها تكييف بدلا من تشغيله فى كل الحجرات».
فيما يبدو أن الحكومة عقدت العزم على إدارة تلك الأزمة بما طرحه قنديل عن الملابس القطنية والحد من أجهزة التكييف، كما أن الأزمة تؤكد من جديد عدم تصديق وعود الرئيس مرسى الذى قال من قبل أن الأزمة لن تتكرر، ولأنها تكررت، تسرى الشائعات بأن قيادى إخوانى من مصلحته انقطاع الكهرباء لأن لديه توكيلا بمولدات كهربائية، وليس من العجب أن نستمع لمن يقول إن جبهة الإنقاذ وأطياف المعارضة وبالمرة الفلول يتحملون مسؤولية انقطاع التيار الكهربائى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة