يبدو حزب الله فاعلا من غير الدول فيما يجرى فى سوريا، وخطاب حسن نصر الله الأخير حول الدعم الواضح للنظام السورى يكشف أن الجيوش من غير الدول والفاعلين من غيرها هم من سيكونون أطراف المواجهة القادمة فى المنطقة العربية، يقول نصر الله بشكل واضح إن العقل التكفيرى هو من يرعبه من السيطرة على موازين القتال الدائرة فى سوريا اليوم، وما جرى فى العراق من قبل من دولة العراق الإسلامية، وقد سماها، وهو يعلن من غير مواربة أن مقاتليه تدخلوا فى القتال الذى لا يزال دائرا حتى اللحظة فى مدينة القصير الاستراتيجية المتاخمة للحدود مع لبنان وفى نفس الوقت النقطة الاستراتيجية للتواصل بين لبنان وسوريا حتى الساحل على البحر المتوسط. يكشف الوضع عن أن حزب الله لا يمكنه أن يقف فى معركة سوريا بشكل موارب ومن ثم فقد أعلن بشكل واضح معبرا عن الحلف الذى يقع داخله والذى تقوده إيران، إن اللحظة الراهنة لا تنتظر المداهنات، وأنه لا بد لكل شىء أن يسفر عن وجهه، المشكلة أن خطاب نصر الله الأخير كان فى ذكرى المقاومة والتحرير بينما كان يدافع عن نظام قمعى قتل الآلاف من شعبه ولا يزال يقتل كل يوم بدم بارد، اليوم استدار سلاح حزب الله من قتال المحتل المجرم الصهيونى الذى يجمع المسلمون جميعهم وأحرار العالم على أنه مشروع استيطانى استعمارى غير أخلاقى إلى قتال فى مواجهة الشعب السورى وفى مواجهة ثورته التى تسعى فيها إلى التحرر من نظام مستبد قمعى يحكم قبضته على البلاد باسم حزب البعث وحولها إلى وراثة يمنحها الأب لولده وكأن الناس عبيد لا إرادة لهم ويورثون كما يورث المتاع.
هذه هى الأزمة الأخلاقية والسياسية والاستراتيجية التى تواجه خطاب نصر الله، وهى تكشف لأول مرة وبشكل صريح أن حزب الله الذى يتحدث باسم آل البيت فى مواجهة المستبدين هو نفسه الآن يقف فى صف المجرمين المستبدين فى مواجهة ثورة الشعب السورى حتى لو قيل إن عناصر مسلحة جاءت لتدعم الشعب السورى، فهو نفسه قال إن حزب الله قاتل إلى جانب المستضعفين فى البوسنة وكان له معسكر هناك، وهم سنة، وهنا فإن حسن نصر الله كان يتحدث اليوم عن طائفة فى مواجهة طائفة أخرى، ولم يكن يتحدث باعتباره تعبيرا عن قيمة المقاومة أو قيمة إعلاء الحق فى مواجهة المستبدين. ما يبدو واضحا هو أن المنطقة مقبلة على حرب ذات طابع طائفى على خط سنى – شيعى سيكون الفاعلون فيه قوات من شباب العالم الإسلامى، وهو أمر لا مفر منه للأسف، فتلك طبيعة سايكس – بيكو الجديدة، تحويل ما كان مصدر قوة للمنطقة وهو التنوع فى إطار الوحدة إلى مصدر لتمزقها وتحويلها إلى أشلاء، ما بدا واضحا هو أن خطاب نصر الله جرت كتابته باحتراف عال، بينما خطابات المعبرين عن التيار السنى فى مصر على سبيل المثال تثير الشفقة، وهو ما عبر عنه مثلا واحد من أهم الرموز التى يلتف حولها التيار السلفى السائل وهو حازم صلاح أبوإسماعيل حين قال إن دعم قضية سوريا بالسلاح والمال هى عبادة وذلك فى مؤتمر لدعم سوريا بمصر، بالطبع هذا كلام وعظى فى قضية استراتيجية وتمس مصير الأمة كلها، وهنا يجب علينا أن نؤسس لخطاب ذى طابع استراتيجى ومنظم فى مواجهة المسألة السورية، هنا أنا لا أتحدث عن الدولة المصرية وإنما أتحدث عن الفاعلين من غير الدول وهو التيار السلفى فى مصر، لا يكفينا الوعظ نحن بحاجة لتأسيس استراتيجى، فالمرحلة لم تعد تحتمل وعظا فى قضية استراتيجية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة