الدكتور عصام الحداد، هو مساعد الرئيس لشؤون العلاقات الخارجية، وعلى أرض الواقع يمكنك أن تتعامل معه كأنه نائب الرئيس، ورجل ملفات مكتب الإرشاد المهمة، وكل هذا شىء طبيعى، ويمكن تفهمه فى إطار مفهوم العائلة الإخوانية السعيدة.. أما تصريح الدكتور عصام الحداد، رجل قصر الرئاسة، المهم بخصوص أزمة سد النهضة الإثيوبى، فهو ما يحتاج منك ومنى ومن أطباء علم النفس ورجال السياسة إلى وقفة تأمل.
الدكتور عصام يا سيدى قال، وبمنتهى الهدوء ما هو آت من كلام: «يجب ألا نهوّن أو نهوّل بشأن التحويل الجزئى الذى أقامته إثيوبيا بمجرى نهر النيل الأزرق، حيث إن هذا الإجراء ليس له أى أثر مباشر الآن على حصة مصر من نهر النيل»، دعك من عمومية التصريح، وعدم تناسب مضمونه ولهجته مع جلال الحدث، وعدم تقديمه لأى شروح أو معلومات مطمئنة لجموع الشعب الغارقة فى القلق، ودعك من تحول تصريح الحداد بالنص إلى مانشيت صحيفة الأهرام فى صباح اليوم التالى كأنه كان أمرا رئاسيا، وركز فى الكلمة الكارثية التى وردت فى نهاية تصريح رجل القصر الرئاسى حينما قال: «ليس له أثر مباشر الآن».. هكذا يفكر الإخوان المسلمون يا صديقى.. ينظرون دوما إلى ما هو أسفل الأحذية لا إلى الأمام، مادامت الأمور ستكون الآن بخير، ولن تنقص المياه غدا، ولن تحدث كوارث تؤثر على وضع الجماعة الانتخابى، أو شعبية الرئيس فى مواجهة خصومه، لا مشكلة.
مؤسسة الرئاسة التى فشلت فى التعامل مع ملف حوض النيل، واستكملت فيه خيبة مبارك الثقيلة، تريد أن تواصل لعبة الحلول المؤقتة بحثا عن رضا الشارع، وتطمينه بالخطأ والتصريحات الوردية، حتى لو كان ذلك على حساب مستقبل الوطن والمواطن وكرامة وهيبة الدولة التى «مرمطها» أهل أديس أبابا فى الوحل، حينما اتخذوا قرار تحويل مجرى النيل بعد ساعات من زيارة محمد مرسى، كأنهم يخبرونه بأن طلته البهية محصلتها صفر.
تصريحات الحداد وقيادات الإخوان التى تسعى إلى التهدئة وتطمين الناس بالباطل، بدلا من طرح الحقائق كاملة على الشعب المصرى، إعمالا بمبدأ الشفافية، تطورت ودفعتها رغبة الإخوان فى تبرئة محمد مرسى لاتخاذ شكل من أشكال الهطل السياسى، وهو شكل يعود بنا مجددا للحديث عن تأثير «الترامادول» على أهل السلطة والسياسة فى مصر.
الترامادول عند الفقراء وأهل الشارع والبلطجة وسيلة للهروب من قسوة الدنيا، وأحيانا درع للحماية من الضرب والتعذيب لحظة السقوط فى يد الشرطة، وفى بعض الأوقات مجرد مقوٍّ جنسى يعتقدون أنه يمنحهم القدرة على تمديد زمن المتعة، وكثيراً هو محفز عام لتغييب العقل والضمير وقت ارتكاب أعمال البلطجة والسطو.. ومقارنة تصريحات أهل السياسة والسلطة فى مصر بالأفعال السابق ذكرها، والتى تتم تحت تأثير الترامادول السياسى، ستدفعك لاكتشاف مذهل بخصوص انتشار وتوغل وتمدد وتوسع تأثير الترامادول، وسيطرته على رموز العمل السياسى والسلطة فى مصر.
أرجوك - قبل أن تهاجم وجهة نظرى القائلة بأن المنتج السياسى لأهل السلطة ومن يسير فى ذيلها بكل ما يشمله من قرارات وتصريحات وخطط وأفكار هو وليد «تأثيرات ترامادولية» - توقف وتأمل تصريحات قيادات الإخوان عقب أزمة سد النهضة الإثيوبى.
حازم صلاح أبوإسماعيل خرج من بطن البلاعة الفكرية التى يتقوقع بداخلها ليعلن للجميع أن دولة خليجية – يقصد الإمارات طبعا - هى التى دبرت المؤامرة ضد مصر، وشاركت فى تمويل سد النهضة انتقاما من مرسى، طبعا واضح من تصريح الشيخ حازم تأثره بطريقة تفكير «بقلظ» حينما كان يتحدث مع «ماما نجوى»، وطريقة توفيق عكاشة وهو يغازل حياة الدرديرى على الهواء مباشرة، ولكن «طاسة» الشيخ حازم لم تكن بمفردها المسؤول الأول عن ترويج مثل هذه الاختراعات الفكرية، فقد خرجت قيادات إخوانية كبيرة لتؤكد أن ما يحدث مؤامرة عالمية كبرى لإسقاط الرئيس محمد مرسى، وآخر يراها مؤامرة تدبرها دول تخشى نهضة مصر على يد الدكتور مرسى، بينما ترك آخرون بطء الرئاسة وتفاهة تعاملها مع الحدث وبدأوا فى توجيه الاتهامات لجبهة الإنقاذ، وحركة تمرد، حتى أصبحت أنتظر خروج قيادى إخوانى ليتهم تهانى الجبالى برعاية مشروع سد النهضة الإثيوبى.. وهكذا تضيع الدول!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة