لم أصدق أذنى وأنا استمع لصوت جورج سيدهم الذى ظل فى طى النسيان يصارع ضربات الموت بصبر عظيم، طوال 17 سنة، ظن فيها الكثيرون أن جورج - لا قدر الله - قد مات، ولم يعد أحد من زملائه بالوسط الفنى يسأل عنه مثل أيام العمل والإنتاج والازدهار الفنى والشهرة.. هذا هو قانون الحياة فى مصر، طالما أنت داخل الكادر والأضواء مسلطة عليك تقبل عليك الدنيا ويتهافت عليك البشر ويسعى إلى بابك الجميع، وما أن تنحصر الأضواء وتذوى ويقذف بك الزمن فى ركن الظل والنسيان، حتى يذهب الجميع وتصبح الميت الحى وهم بالنسبة لك الأحياء الموتى.. يا لها من دنيا لئيمة وغادرة.. بصراحة حكاية جورج سيدهم الذى رأيته فى مسرحية «حب فى التخشيبة» منذ ما يقرب من عشرين عاما يهز أرجاء المسرح وينتزع تصفيق الجمهور وإعجابه، حكاية تستحق التأمل وفيها كل العبر، وأهم درس أنه لا شىء يدوم ولا يبقى إلا السيرة الطيبة والعمل الصالح.. ولأننى مؤمن بأن الدين المعاملة وأن الدين لله والوطن للجميع، فقد أحببت جورج ميشيل زميلى فى التختة وأنا فى ابتدائى قبل أن أحب جورج سيدهم الفنان، الذى اختبره رب الجميع فى محنة مرضية صعبة ظل طوال 17 سنة يعانى آلامها ولا يزال، وعندما زاره البابا تواضروس الثانى السبت الماضى فى منزله وهى المرة الأولى التى يزور فيها أحدا فى بيته منذ تولى كرسى البابوية، وهذا لعمرى له مغزى ودلالة، البابا يقدر الفنان وتاريخه وقد قال له: أنا كنت استمتع لكل فنك وتمنيت أن أزورك منذ سنوات، لذلك كانت فرحة جورج وزوجته الصابرة الدكتورة ليندا، التى وقفت بجوار زوجها مثل كل زوجة مصرية أصيلة، وهى التى أعطت الموبايل لجورج لكى أسمع صوته ومعى الملايين وهو يقول بصوت متقطع واهن «كل سنة وانتم طيبين» ثم يخنقه البكاء.. هذه الدلالة لا تقل عن دلالة تصفيق جميع الحاضرين فى الكاتدرائية ليلة عيد القيامة، مسلمون ومسيحيون مصريون، لاسم شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عندما نطق به البابا تواضروس شاكرا ومحييا ومهنئا.. الرسالة هنا واضحة أنه لن يستطيع أحد أن يقسم ظهر مصر ويشرخ وحدتها أو يقطع نسيجها الوطنى وسحقا لمثيرى تراب الفتنة وكل سنة ومصر كلها بخير مسيحييها ومسلميها.. سحقا لكل متعصب شاذ ضد سلامة هذا الوطن وأمنه وهويته!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة