أيًّا كان الحادث الذى تعرض له الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء، فالرجل يستحق أن نقول له «حمدا لله على السلامة»، ويستحق الأمر معرفة أبعاد هذا الحادث الذى يكشف عن الانفلات والفوضى التى يبدو أنها تجد نوعا من التسامح لا يدعو للقلق، الناس تريد الاطمئنان ومعرفة حقيقة الحادث، وهل كان محاولة اغتيال، أم مجرد حادث عارض ومصادفة، قادت عددا من البلطجية لطريق موكب قنديل.
فى كل الأحوال، هناك حالة من الفوضى تحيط بالحادث، يضاعفها غياب المعلومات، وتضارب أقوال الشهود، والبيانات الرسمية والنيابة. الحكومة نفسها قالت إن الحادث ليست وراءه أبعاد سياسية، وإنه وقع بالصدفة، وهى صدفة خير من ألف ميعاد، تكشف عن غياب الأمن. بيانات من النيابة، قالت إن خارجين على القانون أطلقوا النار فى مشاجرة بكوبرى الجامعة، وهربوا إلى الدقى ليقابلوا موكب رئيس الوزراء ويشتبكوا مع الحرس، لو لم يكن الموكب الذى اعترض البلطجية هو موكب رئيس الوزراء، كان يمكن أن يمر مرور الكرام ولا يتم القبض على الجناة.
نحن أمام حالة فوضى اكتشفها رئيس الوزراء بنفسه، ظاهرها أن هناك سلاحا غير مرخص يملأ البلد، وأى حد يتشاجر يستخدم السلاح، ويهرب ليشتبك مع آخرين، ويمكن لمشاجرة أن تنقلب إلى معركة، ومع توافر السلاح تلد المعركة مجموعة من المعارك، يسقط فيها قتلى وجرحى، ولولا أن الصدفة قادت المسلحين لطريق رئيس الوزراء لما تمت مطاردتهم والقبض عليهم.
حادثة اختراق موكب رئيس الوزراء هشام قنديل من قبل مجهولين. تظل غامضة بالرغم من كل الأقوال والشهادات، والبيانات والأقوال، لم نعرف ما إذا كان استهدافا مع سبق الإصرار، أم كانت مجرد مصادفة لعدد من الخارجين على القانون يهربون من مشاجرة أو يتجهون لمعركة.
اللافت فى الأمر أن المسلحين لم يلتفتوا إلى من فى مواجهتهم، وبادروا بإطلاق النار لأنهم مثل غيرهم يطلقون النار ولا يظنون أن هناك من يمكنه مواجهتهم أو التصدى لهم. ويصيبون ويقتلون ويهربون من دون أى حسابات لحياة من فى مواجهتهم سواء كان مسؤولا أو غير مسؤول.
ربما يمكن لرئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل أن يحمد الله على نجاته وأن يسعى لمعرفة حقيقة الحالة الأمنية، وما يجرى فى أرجاء مصر من انفلات يفوق كل تصور، وغياب تام للأمن يجعل أى شخص مجرم يتحرك براحته ويقتل ويرهب ويصيب. ويقف وجها لوجه مع الحالة الأمنية الفوضوية التى نعيشها، وكان يمكن أن يكون المستهدف أى شخص سواء كان فى السلطة أو خارجها، وأى شخص يسير بدون حراسة اليوم ينجو بالمصادفة وليس بالتخطيط.
ويبدو التعامل مع الحادث على أنه عادى ويدخل ضمن الانفلات الأمنى، مصيبة، وأن نصل إلى التسامح مع الانفلات وحيازة سلاح بدون ترخيص، والذى تجاوز العقل والمنطق.
لقد تزامن حادث رئيس الوزراء مع هذا الإعلان عن إطلاق سراح رجل أعمال فى الإسماعيلية بعد اختطافه، وبعد دفع فدية قدرها نصف مليون جنيه، والتفاوض تم تحت سمع وبصر قوات الأمن والداخلية، وكل يوم هناك عشرات من حالات الاشتباك بالسلام تنتهى بقتلى وجرحى، تعتبرها الحكومة انفلاتا لا يدعو للقلق.