تقول إسرائيل إنها شنت غارتها حفاظا على أمنها، وتصمت الدول العربية على أمن سوريا الذى هو فى صميم الأمن القومى العربى، الدفاع عن سوريا فيما ترتكبه إسرائيل من جرائم ضد شعبها، ليس دفاعا عن بشار الأسد ونظامه، وإنما دفاع عن الشعب السورى، والأرض السورية التى صارت ملعبا لعبث الآخرين.
لم يعد ما يحدث فى سوريا ثورة يقوم بها الشعب السورى ضد نظام بشار الأسد، وإنما بلد يشهد إرهابا تقف وراءه دول وأجهزة مخابرات وأطراف إقليمية تشن حربها بالوكالة لصالح مشاريع دولية تستهدف تقسيم سوريا إلى طوائف مثلما حدث فى العراق.
يستحق الشعب السورى نظاما أفضل من نظام بشار الأسد، لكنه لا يجب ترك هذا البلد لعصابات إرهاب دخلته باسم شعارات خادعة، لا يجب تركه ليرثه هؤلاء الذين يريدون من سوريا بلدا ممزقا، وأرضا ترعاها الطوائف حتى لو اتخذت من الدين شعارا، والحقيقة أن الدين منها برىء.
نفذت إسرائيل غاراتها، وتعتزم وفقا لوسائلها الإعلامية شن غارات أخرى، والمقصد من ذلك سياسى وعسكرى، فعلى صعيد العسكرية، تستهدف إسرائيل تصفية كل مقدرات الجيش السورى المجهد حتى تنتهى قوته كاملة، وبذلك يختفى أى أثر لهذا الجيش، ومع اختفاء الجيش العراقى، لم يعد يبقى فى المنطقة غير الجيش المصرى الذى يتربص به أعداء فى الداخل والخارج، ولنقل ما شئنا حول أن نظام بشار الأسد لم يطلق طلقة واحدة ضد إسرائيل التى تحتل أرض الجولان السورية، لكن هذا القول شىء، والحفاظ على مقدرات الجيش السورى شىء آخر، فلا هو ملك بشار الأسد، ولا هو ملك أى نظام يحكم سوريا، وإنما هو ملك الشعب السورى، وملك الأمة العربية التى لم يعد حكامها مشغولين بالحفاظ على الثروات العربية وفى مقدمتها الجيوش المؤهلة تدريبا وسلاحا.
ما يسمى بالجيش السورى الحر لا يقود ثورة، فبعد أن استباح الدم السورى لا يجب أن نضعه فى خانة الثورة، وإنما هو ونظام بشار عزلوا الشعب السورى عن ثورته المفترضة، والوضع فى سوريا فى حقيقته هو دماء لأبرياء تسيل، وفرار للسوريين خارج بلادهم، وليس فى هذا معنى حقيقى للثورة، فلو كان ما يحدث هناك ثورة بالمعنى الصحيح للثورة، لشارك فيها الشعب السورى بكل أطيافه، وشعب يقوم بثورة حقيقية لا يستطيع نظام مستبد إجهاضها مهما سالت الدماء.
الغارة الإسرائيلية البغضاء، تعطى رسالة سياسية معقدة عن الوضع فى سوريا، فهل قامت بها إسرائيل حتى يحدث خلط أوراق بين الأطراف الإقليمية التى تضع أنفها فى الشأن السورى؟ هل تأتى بعد تأكدها من أن الأطراف الدولية المعنية، توصلت إلى أن الحل ليس أمامه غير تسوية، لابد أن يكون بشار الأسد فيها، وأن لغة السلاح لن تصل إلى شىء فى نهاية المطاف؟، هل قامت هذه الغارة فى محاولة لجر حزب الله إلى حرب لتنتهى صفحته؟ هل قامت فى محاولة لإدخال إيران فيها حتى يكون هناك مبرر لتصفية تهديده النووى؟.
كل هذه الأسئلة مطروحة، لكن الأهم فيها أنه آن الآوان لتسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة، فما يحدث فى سوريا ليس ثورة، وإذا كان نظام بشار مستبدا، فليس من المعقول أن يكون ما يسمى بالجيش السورى الحر معبرا عن الثورة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة